عظة
ليس عندما يضبح الثعلب
CPU0ATTRACOP ADRAK
EROI ani
عن الأصل القبطي الصعيدي
نقلاً عن كتاب النصوص المسيحية في العصور الأولى الأنبا شنوده رئيس المتوحدين
مقدمة
مناسبة هذه العظة هو الصراع بين المسيحية وبقايا العبادات المصرية القديمة التي كانت لا تزال تلفظ أنفاسها الأخيرة في القرن الخامس الميلادي.وهذه العظة مرتبطة بعظة قادمة اسمها "ليت أعيننا"، والتي كتبت في وقت لاحق.
والعظتان مرتبطتان بشخص لم يسمه الأنبا شنوده صراحة، لكن من خلال تكرار ذكر بعض الأحداث في كل من عظة" ليت أعيننا" وبعض الفقرات من سيرة الأنبا شنوده يمكن التوصل لشخصية هذا الرجل الذي يدعى جيسيوس (Gesius)،
والذي كان من الأثرياء، وتولى حكم مقاطعة طيبة (Thebaid) في الصعيد الأعلى من عام ۲۷۹م حتى عام ۳۸۰م، وبعد ذلك استقر في منطقة أخميم (بانوبوليس) ليباشر إدارة ممتلكاته.
ويبدو أنه كان من الصعب على جيسيوس أن يعيش وثنيا في مجتمع يضم أغلبية مسيحية. وربما كان يطمع في منصب رسمي مثل حكم إحدى المقاطعات، مثلما كان حالهُ سابقا،
ولكنه في نفس الوقت لا يريد أن يعتنق المسيحية، فقرر أن يتظاهر بتركه الوثنية تمهيدا لاعتناقه المسيحية، على أن يحتفظ بأوثانه في مكان أمين في بيته لا تصلهُ يد إنسان ليمارس فيه عبادته.
ويبدو أنه قد أعلن ذلك، خاصة للأنبا شنوده، الذي لم ينطل عليه الأمر، فقام بتفتيش بيته، واكتشف ما به من أصنام، وقام بتحطيمها.
بعد ذلك ذهب جيسيوس للقاء الأنبا شنوده في ديره ليعلن له أنه قد تخلص من كل أوثانه، وأنه يريد أن يصير مسيحيا. ودعا الأنبا شنوده من جديد ليفتش بيته ويتأكد بنفسه.
فلما ذهب الأنبا شنوده ليفعل ذلك، لم يجد شيئا، لكنه لم يقتنع بذلك، وقام ذات ليلة مع بعض رهبانه بدخول بيت جيسيوس، واكتشف ما به من أوثان مخبأة، وأعلن ذلك على الملأ.
لكن يبدو أن تسلل الأنبا شنوده لمنزل غريمه في جنح الليل، وحمله لما وجده من أوثان في بيته، قد أثار عليه سخط أهل المدينة. فحاول أن يدافع عن نفسه، ويبرر فعلته هذه.
وهذا الدفاع يسير في اتجاهين: أولهما ديني، وهو تحريم عبادة الأوثان في الكتاب المقدس، وثانيهما قانوني، ونعني به تحريم ملوك عصره المسيحيين لهذه العبادات، وإصدارهم مراسيم بهدم المعابد وتحطيم ما فيها.
وفي هذه العظة يتحدث الأنبا شنوده عن المرة الأولى التي حطم فيها أوثان جيسيوس، ثم يتحدث عن ظلم هذا الرجل للعاملين لديه، خاصة المسيحيين منهم،
وكيف أنه لا يُمَكِّنْهم من ممارسة شعائرهم الدينية، وذلك بإرهاقهم بالعمل المضني طوال الوقت، مما يجعل هذه العظة مصدرا هاما لمظاهر الحياة الاجتماعية في مصرفي القرنين الرابع والخامس.
وفي النهاية يختم الأنبا شنوده العظة بالصلاة إلى الله ليرفع عن الشعب هذا الظلم حتى يتمكنوا من عبادته وتسبيحه.
من المرجح أن تكون هذه العظة قد كتبت حوالي عام400 م. وقد عثر على هذه العظة في مخطوطتين بالقبطية الصعيدية.
الأولى هي المخطوطة DU من صفحة 167 إلى ۱۷۷، وقد نشرها Leipoldt عام ۱۹۰۸م.
أما الثانية فهي المخطوطة XH من صفحة ۲۰4 إلى ۲۱6 و 376، وقد نشرها Chassinat عام 1911م". كما يوجد لهذه العظة ترجمة إنجليزية قام بها Barns عام 1964م.
العظة
1- ليس عندما يضبح الثعلب، الذي هو أنت، يا عبد الشيطان، ويصيح بأصوات مرتفعة، يخاف الأسد، الذي هو أنا، عبد المسيح. أنا أعلم أنك لا تقاومني أنا، إنما تقاوم يسوع الساكن في المسيحيين.
المسيح أيضا كفيل بك أنت وأبيك الشيطان الساكن فيك، والذي أنت متكل عليه، وهكذا هم وأبوهم يسوع الساكن فيهم وعليه اتكالهم. لا يوجد إنسان معه المسيح يشعر أبدا بالعار كما تدمي أنت.
أما عار هذا العالم وكرامته فقد رفضتهما؛ لأني أعرف من أنتظر. ماذا يصنع الذين لديهم مجد وكرامة من يسوع بالمجد والكرامة البشرية؟
2- لأنه كما أن الذين فيهم المسيح حقا لا يسرقون، كما ادعيت أنت علي، لأني حملت آلهتك سراً، ولأني جعلتهم يعلقون (علامة) خزيك وعارك مكتوبة على البردي على باب بيتك،
ويهرقون بولك الموجود في قدور على أنه خمر على عتبة بيتك، وعلى بابك، وباب من هم على شاكلتك، كذلك لا توجد حرية لمن يتكلون على كرونوس، الذين هم أنت وأمثالك في الكفر والدنس
3- فأي عمل أو أي كلمة مما قلته أنت لا تشهد عليك أنك من أتباع الشيطان؟ والرسائل التي مزقتها أم أنني لم أكن أعلم قبل أن أرسلها إليك أنك سوف تمزقها؟
يا من صرت شريكا للذين مزقوا بسكين الكاتب أوراق كتاب الكلمات التي أرسلها لهم الأنبياء باسم الله، وألقوها في الجمر المتقد.
4- كما أنك قلت أيضا: "إن رجالي وموظفيني يأخذون له أشياء، معلما ومظهرا لنا (بذلك) شَرَّك. لأنك لم تُرِد من أبناء الله أن يقدموا تقدمة لكنيسته، أو أن يصنعوا حسنة واحدة باسم يسوع،
(في حين) ستشعر بسعادة إذا سمعت أنهم ذهبوا لأماكن عرافة الشياطين - لأنك أنت نفسك تسجد وتعبد المخلوق دون خالق كل الأشياء، يسوع المبارك إلى أبد الآبدين - أكثر مما لو سمعتهم أو رأيتهم ذاهبين لله في كل مكان، حيث يدعونه ويباركونه ويمجدونه.
وإن أتى إليَّ بلا تردد أكثر من الجمع الذي تقول أنت عنه أنه" يأخذ إليه أشياء"، فذلك لأنني خادمهم الأمين. لأنهم إخوتي، وأجمع لهم كنزاً في السماء، أي ما يعطونه كرامة لله''.
هل أحضروها من بيتك وبيت آبائك؟ أيها الإنسان الشرير، أنت تسرق ما ليس ملكك، وتتصرف أيضا بشر، وتضع عثرة أمام من يتصدق على الفقراء. وهم يعرفون أن ما يعطونه ومايتصدقون به على المحتاجين إنما هو ملك للمسيح، الذي أعطاهم إياها لينعموا ويغتنوا في الأعمال الصالحة.
5- هل أنا جالس فوق أم رأسك حتى تقول: "متى يذهب عنا؟ إنه يردد (دائما) سأرحل، ولكنه يؤجل سفره (يوما) بعد يوم.
لماذا أُمَثِل لك عبئا ثقيلا فوق رأسك هكذا؟ فإن ذهبت للملوك أو لم أذهب، أليست السماوات والأرض وكل ما فيهما ملك للمسيح؟
هل يملك أبوك كرونوس شيئا سوى الآثام التي تعمل أنت لها بستانيا لديه، أنت وأمثالك الذين يزرعون ويحصدون له الكفر والكذب والظلم والتجديف وكل شر؟
6-فإن كنت أنت نبتة من هذا النوع وأنت تنمو هكذا، أليس حرياً بك إذاً أن تصبر حتى وقت الحصاد، حسب قول الرب الذي تجدف أنت عليه، ولكنك عُلَّيْق وشوك وقع على الطريق، وحجر عثرة للسائرين. لذلك يليق بك أن تُقْطَع وتُقْتَلَع من جذورك.
7-لكنك تقول أيضا كلامك الفارغ: (لو كان راهبا حقيقا، لما اقترف ثلاث جرائم قتل في (صوم الأربعين). تتحدث عن الخنازير والبقرة التي قمتُ بذبحها في بيوت الوثنيين كما لو أنها جرائم قتل.
8-أما أنا فسوف أجيب على كلامك الذي يدعو للتقيؤ هكذا : إن كان ما فعلته أنا لا يليق، أعني أنني فضحت عبدة الأوثان، فكم يكون بالأحرى مستحقا الإدانة أنك تسبب العثرة في (صوم) الأربعين و(أيام) البصخة العظيمة المقدسة التي يحتفل بها كل الناس،
ومن بينهم الملوك محبي الله. لأنك جعلت جزارينك(طُهَاتك) يعملون لأجلك أثناءها، بينما أنت ترتع في اللهو، وتتبجح بلا خوف، وتجعل الآخرين يتبجحون معك.
9-ولأنك أيضا أرسلت إلىَّ قائلا: "تعال وفتش بيوتي هل تجد بها أوثاناً. فلما فتشت بيتك مرة أخرى، لم أعثر فيه على أية أوثان. أَوَ ليس لديك(حقا) غير تلك التي نزعتُها؟
وإن كنتُ قد نزعتُ الأوثان التي كانت في بيتك، أ قادر أنا أن أخفي الشمس في السماء، والقمر والنجوم، تلك التي أنت تعبدها، أو أن أحيط مكان الغروب بأسوار حتى أجعلك لا تقدر أن تتعبد نحو الغرب، أو أن أحرس النهر وقنواتك حتى أجعلك لا تهرق الماء قربانا لكرونوس في وقت الفيضان؟
10-كفاك كذبا وافتراء، يا من سقطت في أحط الشرور. لأنك على قدر كُفْرك تُعَذِب الفقراء بظلمك.
أ ليس هو نوعا آخر من الاضطهاد هذا الذي تمارسونه ضد الناس، خاصة كهنة الكنيسة، حتى تطردوهم من بيوتهم، حتى في ذلك الوقت أيضا حيث هذه المصائب الكبيرة على الأرض؟
تذهبون إلى ديارهم فلا يوجد فيها أطفال أو آباء أو أحد ألبتة؛ لأنهم هربوا، فتحملون دوابهم وعرباتهم وقشهم، وتأخذونها إلى مزارعكم، وتجبرونهم على جر السواقي فوق طاقتهم.
وماذا أيضا عن البصخة العظيمة؟ إنكم لا تتركونهم يحتفلون بها، بل إنكم تجعلونهم يقذفون المراكب الجديدة التي بنيتموها إلى الماء فيها، وبدلا من أن تتركوهم يحزنون فيها، تجبرونهم على الغناء.
11-مَنْ يستطيع أن يعدد كل سيئاتكم؟ فأنتم مثلا تذبحون العجل لديكم إذا كان يحتضر، أو إذا أصبح منبوذا لا فائدة منه لعملكم، ثم تقطعونه قطعة قطعة كما يحلوا لكم، وتلقون بها إليهم،
حتى إلى الأرامل والعجائز والأيتام والغرباء، ثم تطالبونهم بثمن يفوق قيمته حتى تجمعوا ثمن العجل مضاعفا، ثمنا للحم سيئ ليس سوى عظم وأشياء عديمة القيمة.
12-وأنتم مثلا تعطونهم عجولا وأبقارا لكل مرعي ليربوها (لكم) حتى تكبر، ثم تأخذونها (منهم)، وتجعلون البعض (منهم) يعطونها لكم هدية، وفي المقابل لا تصنعون لهم أي معروف.
وآخرين تجعلونهم يربونها لكم. ونفس الشئ (تفعلونه) مع الخيل والحمير والخراف والعجول والخنازير. وليتكم اكتفيتم بذلك، ولكنكم تسرقون منهم كل ما تشتهونه من بهائمهم أو أي شيء آخر، بعضها بلا مقابل، والأخرى بأثمان بخسة. ناهيك عن الخبز والخمر والعلف والقش والشعير لبهائمكم أو أي شيء آخر.
13-كذلك أنتم تجمعونهم ليحرسوكم فوق المراكب عندما تهربون من وجه البربر. أ لا يتعقبهم البربر هم أيضا، في حين نساءهم وأطفالهم ومتاعهم المتهالك على دوابهم وعرباتهم عندما يهربون من ديارهم إلى أماكن أخرى لينجوا بأنفسهم؟
ولهذا يقوم الكثيرون منهم باستئجار رجال بأجرهم، ويرسلونهم لحراستكم. أما أنتم فلا تكتفون بذلك، بل تزيدون من ظلمكم (لهم).
14-وأنتم أيضا تطالبون بعضهم بإناء من الغلال عن كل عائلة لأنهم كثيرو العدد، ومن آخرين خمسة وعشرين مكيالا، ومن غيرهم أردبا، بحجة الاستحمام في الحمامات (العامة)، بينما هم يبكون قائلين: "لا نريد أن نستحم. ليس لدينا خبز لنأكل. إن همومنا ليست من هذا النوع. إن أطفالنا جوعى وعرايا"
ويشهد أغلبهم قائلين: "نحن لا نستحم في الحمامات" أ ليس هؤلاء هم الذين يعملون فيها بالسُخرة حتى تُبنَى، فضلا عن البيوت الأخرى التي تسخرونهم لبنائها؟ أم هي قرى (من أجلهم) ؟ هل بنيتم بيوتهم من بينها؟
هذه هي نفس الضيقات التي تضايقونهم بها من السخرة، والخمر الفاسد، وكل عذاباتكم وظلمكم، أنتم يا من يهددكم هذا الصوت: (أما الذين هم من أهل التحزب ولا يطاوعون للحق، بل يطاوعون للإثم، فسخط وغضب وشدة و ضيق على كل نفس إنسان يفعل الشر)؟.
15-ولكني سأتكلم في حضرتك، يا إله العظائم الضابط الكل. فلا تغضب بسبب حماقتي، فأنا أعلم أنك لا تنسى شيئا. فأنت الذي تكلمت بأنبيائك القديسين أمام فرعون، ذلك الإنسان الأصم، قائلا " أطلق شعبي ليعبدوني ويعيدوا لي" .
16-أنت أيضا الذي تكلمت فيهم قائلا: "كفوا واعلموا أني أنا الله" . تراءف على شعبك، أيها الطويل الأناة، الكثير الرحمة، وخلص شعبك من يد من يضايقه، كما (صنعت) مع شعبك إسرائيل في ذلك الزمان.
اجعلهم يَكُفُون ليعرفوا أنه لا إله غيرك. أم أنك لا ترى أن الوثنيين والأمم والكافرين لم يقدروا أن يعرفوك؛ لأنهم انشغلوا بكفرهم وكل أدناسهم؟
17-امنع كل مخالفة وكل ظلم في كل مكان عن المظلومين من أقاصي المسكونة إلى أقصاها، حتى يتفرغ الذين يعرفونك لخدمتك؛ لأنهم لن يقدروا أن يخدموك وهم يخدمون الظالمين.
ألم تُخَلِّص شعبك إسرائيل في ذلك الزمان من يد المخالف نبوخذنصر وكل أمثاله، الذين أساءوا إليهم، وأسلمتهم لأيديهم؛ لأنك غضبت عليهم؟
فحتى لو طلبوك في ذلك المكان، فلن يقدروا أن يرتلوا تسابيحك كما يريدون؛ لأنهم لا يتمتعون بالحرية في ظل عبودية أشغالهم الكثيرة. فكما قيل: "كيف نرنم ترنيمة الرب في أرض غريبة؟"
18- هكذا أيضا إن لم تخلص المظلومين من يد عديمي الرحمة. فهم عندما ينطقون باسمك ويتوقون أيضا أن يفعلوا مشيئتك؛ لأنك أنت رجاءهم،
لن يستطيعوا أن يقدموا لك تعهداتهم من تسابيح وصلوات وأصوام؛ لأنهم لا يتمتعون بالحرية في استقامة، بسبب العبودية في أعمال الناس الذين يفكرون بالشر ضدهم في كل وقت.