( لا تُحِبُّوا العَالَمَ ولا الأشْيَاءَ التي في العَالَمِ، لأنَّ العَالَمَ يمْضِي وَشَهْوَتُهُ مَعَهُ، وأمَّا مَنْ يَعملُ مَشِيئَةَ اللهِ فإنه يَثْبُتُ إلى الأبدِ. آمين. )
وَلَمَّا اجْتَازَا في بِيسِيدِيَّةَ أَتَيَا إلى بَمْفِيلِيَّةَ. وَتَكَلَّمَا بِالْكَلِمَةِ في بَرْجَةَ، ثُمَّ نَزَلاَ إلى أَتالِيَا. وَمِنْ هُنَاكَ أَقْلَعَا إلى أَنْطَاكِيَةَ، حَيْثُ كَانَا قَدْ أُسْلِمَا بِنِعْمَةِ اللَّهِ إلى الْعَمَلِ الَّذِي أَكْمَلاَهُ.
في مثل هذا اليوم تنيَّح القديس المجاهد زكريا الراهب.
كان أبوه يُدعى قاريون ولكنه اشتاق إلى الرهبنة. فكاشف زوجته بما في فكره فوافقته على ذلك وكان له ابن وابنة تركهما مع والدتهما وذهب إلى برية شيهيت حيث ترَّهب عند شيخ قديس
وبعد قليل حدث غلاء في البلاد فأخذت المرأة طفليها وذهبت إليه في البرية لتسلمه الطفلين، أما هو فقال لها خذي أنت البنت واتركي لي الولد،
فأخذت البنت وانصرفت، وأخذ هو الطفل وأتى به إلى الشيوخ فصلَّوا عليه وتنبأوا عنه بأنه سيكون راهباً فاضلاً.
تربى زكريا في البرية تربية صالحة وتقدم في الفضائل ولكن حدث تذمر بسبب جمال صورته وكانوا يقولون " كيف يكون صبى مثل هذا في البرية بين الرهبان؟ "
ولما سمع زكريا هذا الكلام، ذهب إلى بحيرة النطرون وخلع ثيابه ونزل إليها وانغمس فيها عدة ساعات، فتحوَّل لون جسده إلى السواد، وصار كالمجذوم،
ثم صعد من الماء ولبس ثيابه وأتى إلى أبيه فلم يعرفه إلا بعد أن تفرَّس فيه جيداً. فلما سأله عن الذي غيرَّ منظره أعلمه بما عمل.
ولما كان يوم الأحد مضى مع أبيه إلى الكنيسة لحضور القداس والتناول من الأسرار المقدسة،
فكشف الله للقديس إيسوذوروس قس الإسقيط ما صنعه القديس زكريا فتعجب وقال للرهبان " إن زكريا قد تناول في الأحد الماضي كإنسان أما الآن فقد صار ملاكاً ".
نما هذا القديس في جميع الفضائل خصوصاً الاتضاع حتى قال أبوه: " إني تحملت تعباً كثيراً في الجهاد ولكني لم أصل إلى رتبة ابني زكريا ".
وأقام القديس زكريا مجاهداً وناسكاً في البرية خمساً وأربعين سنة، ثم تنيَّح بسلام.