نقلاً عن كتاب النصوص المسيحية في العصور الأولى الأنبا شنوده رئيس المتوحدين
مقدمة
تعـد هـذه العظـة مـن أطـول عـظـات الأنبا شنوده التي وصلتنا، بالرغم من أنها لم تصلنا كاملة.
والموضوع الأساسي في هذه العظة هـو الحـديـث عـن سـاعة الموت وعـذاب الأشرار في الجحيم.
غير أن الأنبا شنوده يتطرق فيها لموضـوعات أخـرى تتعلق بالحياة الروحيـة والسلوك بالتقوى.
ويبدو مـن هـذه العظة أن الأنبا شنوده كـان يـؤمن بأن عذاب الجحيم هـو عـذاب مادي وملموس، فنار الجحيم مادية لا تطفأ، ودودها دود حي لا يموت، وهكذا.
ويبدو أن هذه العظة كانت لها شهرة كبيرة بين الشعب القبطي لقـوة كلماتهـا وتعبيراتهـا المؤثرة، حتـى إنـه هـو نـفـسـه يـذكـر فيهـا بكاء البعض عند سماعهم لها (فقرة ١٣٠).
وفي النص العربي لسيرة الأنبا شنوده وردت فقرة تتعلق غالبا بهذه العظة، جاء فيها:
"ووضع ميمـر مملوءاً مـن كـلام التبكيت والحزن والكأبة لأجل وقت وفاة الانسان وخروجه من الجسد وان كثيرا من الناس انتفعوا به".
وقـد تمـت هـذه الترجمة عن النص القبطي الذي نشرته Heike Behlmer عام 1996 مصحوبا بترجمة للغة الألمانية.
العظة
1 - [...]أما الآن فأنت تريد أن تأخذ شيئا مما يُعَد لك، ولكنك لا تستطيع أن تأخذه؛
لأنه لا قدرة لك على أكله. حشرجة الموت [...] غلق الفم من أجل حلقومك وقلبك، بينما أنت تصرخ بصوت مرتعد.
والذين يزورونك يقنعونك قائلين: "إنها [...]". أما أنت فترى بنفسك أن قوتك تخبو رويداً رويداً، وأن روحك قد انحلت فيك.
2 - أنت [تتألم] في داخلك، وتجلس إلى ذاتك، وتفكـر قائلاً: "لماذا لم أنُـح علـى آثـامي بأصـوام وصلوات؟
لماذا بذَّرتُ غِنايـا علـى النساء، وأمـوالـي علـى المنازعـات؟ لماذا لم أُعـطِ خبـزي للجـائع، وأشَحْتُ بوجهي عن المعوز؟
لماذا تناسيت كل عمل صالح؟ الآن لا قدرة لي أن أنهض أو أتَقَلَّب. نادوا عليَّ [...]
3 - لأنكـم كـم سـحبتم أو كـم أودعـتم؟ مـَنْ مـِنَ الـذين كنـتَ مكرمـاً عنـدهـم لـن يتنهـد علـى الضربة التي أصابتك؟
أ ليس هـذا الذي يقولونه لك كلمات ضعفٍ يَصُبُونَهَا على رأسك، قائلين: "لماذا لا تتكلم معنـا؟ لماذا لا تجيـب الـيـوم علينـا؟
لماذا تفارقنـا حـزانـى باكين؟ لماذا لم تخبرنـا عـن الـديـون الـتـي لـك أو التي عليـك، بينما ستأخذ مـن [...]؟
" قد أغلقوهـا كلها معـاً عليـك، حتى يجعلـوك لا تعود إليهم بعد الآن.
4 - والآن، إما سَتُأْخَذُ لأماكن الراحة في ملكوت السموات مـن أجل أعمالك البـارة العادلة،
أو سَتُأْخَذُ إلى الهاويـة مـن أجـل أعمالك الشريرة الكاذبة. لأني أنا أيضاً أقول وأنا متوجع القلب مثل [إرميا]: "كيف سُدَّت طرقك وأُغْلِقَت سبلك]"؟
5 - [...] لم تفكر أن يوم الرب وساعة الموت يأتيان كلص. لماذا [...]؟ مَنْ قَيَّـدك حتى صرت عنيداً؟
مـن هـم أولئك الذين أشعلوا في أحشائك ناراً، مثل جمر ينفخون فيه؟
أين قوتك وصوتك؟ لماذا ضَعُفَ صوتك وانعدم تدريجيَّاً؟ لماذا تجحظ بعينيك؟ لماذا تصمت ولا تُجيب أبويك والذين يتحدثون إليك؟
لماذا اسودَّ لسانك من الدخان الساخن الذي ينبعث مـن حلقـك الـذي يتهـرأ عنـد أعـلاه من الجانب؟
كيـف تَيَبَّسْ (حلقك) فلا يدع أي طعام ينزلـق فـيـه؟ لماذا صار الوجه عابساً والعين دامعة؟
6 - إن نفسك ترتعـد مـن الخـوف. يفتح الإنسان فمه، ويُسَلِّم الـروح هكـذا ببطء بـيـن يـدي الـواقفين (حولـه).
فـإن كـان إنـسـانـاً بـاراً، فسوف يبـصـرهـم وهـو مبتهج، وهـم أيضاً سيبتهجون معـه؛ لأنهـم سيسلمونه لحضن إبراهيم، كما هو مكتوب.
أما إذا كان إنساناً خاطئاً، فسوف يبصرهم وهو مكروب. وهم أيضاً سيمتلئون غضباً، لأنه سَيُلْقَى إلى النار التي لا تُطفَأ، كما هو مكتوب.
7 - لماذا لم تنظر لهذه الناحية وتلك، لكي تنظر إن كنت تستطيع أن تهـرب مـن المـوت، كمـا كنـتَ تـفـعـل لـكـي تـعـمـل الـشـر؟
أيهـا الإنسان، لماذا سَقَطْتَ؟ مَنْ الذي دَحَرَكَ؟ لماذا لم تصارع الحُمَّى المتقدة التي تحرقك من الداخل والخارج؟
لماذا لم تقاوم الذين أتوا ليحملوك، في حين أنك لا تريد أن تفارق أباك وأمك وزوجتك وأولادك وإخوتك وأصدقاءك، ولا تريد أن تترك ذهبك وفضتك ومخازنك المُكَدَّسة؟
لماذا لم تنتزع أملاكك وتذهب لكورة بعيدة؟ فلعلك (بهذا) تهرب من الموت، فلا ترحل وتترك مخازنك لآخرين، قبل أن تشبع منها.
لماذا لم تختبئ في مخدعك؟ أو لماذا لم يخبئك أحدٌ آخر، ويكذب لأجلك، قائلا إنك لست هنا؟ لماذا لم تبذل كل ثرواتك حتى تنجو؟
أ لم تفعل ذلك مراراً حتى تتغلب على الذين يقاومونك؟
8 - إن الـذين يلاحقونـك (الآن) ليسوا حُكَّامـاً ظـالمين حتـى تَرْشُوَهُمْ بأموالك فيرحمونك، ولا يأخذون نفسك منك وقت موتك.
إن الـذيـن قـد أُرْسِلوا وراءك لا يعـوزهـم ذهـب، ولا يحتاجون فـضـة، فيأخـذونها ويتركونـك، ولا يستطيعون كذلك أن يعـصـوا أمـر ملكهـم يـسـوع حتى تَرْشُوَهُمْ بالمال.
إن الذين يلاحقونك لا تراهم، حتى لا تَخُرَّ، وتسجد لهم، وتتوسل إليهم، ليعتقوك من سكرة الموت الموضوعة عليك،
عندما سيرتعد كلُّ (كيانك) مـن جـَرَّاء الـعـذاب الذي أنت فيه، حتى تسلم الروح.
9 - أيها الإنسان، إذا كان التفكير في ساعة الموت والوقت الذي ستخور فيه وتَنْحَلُّ على فراشك أمر مرعب،
فكم بالحري يكون التفكير في الهاوية أمراً أشد رعباً، عندما تنزل إلى هناك.
فادح هـو عذاب سكرة الموت الذي سيحل بالإنسان عندما يسلم روحه، ولكن عذاب ألم الموت الذي سيحل به في الهاوية والنار التي فيها، عندما يمضي إليها، لهو أمر أكثر فداحة.
إن كل إنسان، شيخا كان أم طفلاً، سيحتمل سكرة الموت حتى يسلم روحه. ولكن أي إنسان، مهما بلغت قـدرة قوته، إذا ذهب إلى الهاوية، سوف يقدر أن يحتمل فيها نارا لا تطفأ؟
10 - ما دام الإنسان لا يزال على فراش (مرضه) ولا ينقصه خبز أو ماء، إذا استطاع أن يتناوله ، سيتعزى قليلا بنور النهار الذي يراه.
فهو يتطلع في الليل للنور والمصباح، إن كان عقله (لا يزال) واعياً.
إن أباه أو أمه أو أخاه أو أخته أو صديقه أو أَمَتَه أو أي شخص آخر من الذين يقفون حوله مستعدون ألا يرهقوه، إذا طلب أن ينهضوه أو يضجعوه،
أو يحملوه إلى البرودة، أو يصبوا عليـه المـاء، أو يضمخوه بالزيت، وكل ما يشتهي أن يفعلوه له.
وهم يتوسلون إليه أن يأخذ قليلاً من الأطعمـة الـتـي صـنعوها بكامـل رغبتهم وبـأنواع مختلفة.
والمريض يشتهي أيضاً أن يجـرب هـذه (الأطعمـة) وأخـرى غيرهـا، وأيضاً الفاكهة، لأنه يرغب في الحياة.
11 - وبينما يعتني الذين يحيطونـه بهـذه (الأشياء)، ويفكـر هـو أيضاً بغيرهـا، يبدأ الموت في السيطرة عليه، ويعذبـه الخـوف مـن سيئاته.
يغيب عن الوعي، ويتحسر في نفسه، وينزعج في أفكاره، ورويداً رويداً تخبـو روحـه فيـه، ويرى أنه لا توجد طريقة للعـودة إلى حيـث كـان وقـت التوبة (متاحـاً).
يصرخ النـائحون عبثاً، والذين يُقَدِّرونه يطلبون إليه بإلحاح أن يرد عليهم، في حين أنه في طريقه أن يفارقهم. إنه لم يعد قادراً على التكلم، ولا ينظر لإخوته.
لم يعـد يهتم بمخازنه الممتلئة. هـو يتنهد على خطاياه، ومغتم لأنه لم يفعل الصالح. تغرورق عيناه بالدموع، ويحزن لأجل منظر وجه الذين يراهم قد أتوا إليه،
فهم لم يأتوا إليه هكذا ببساطة مثل بشر يشبهونه، لكي يوقفوه أمام قاض لا يختلف عنه (في المظهر)،
بل أولئك الذين حضروا إليه. ملائكة يختلفـون عنـه - لأنه مخيف ومـرعـب هـو النظر إليهم - لكي يوقفوه أمام الله الذي سيدينه،
أمام الله الذي لن يقدر أن يكذب أو يمكر في حضرته، ولن يقدر أن يَرْشُوَه بذهب وفضة، ولن يقدر أن يهرب من يديه،
كما كان يمكر، ويكذب، ويتطاول، ويقسم كذباً، ويستخدم المحامين، ويَرْشو القضاة، حتى يفلت (من العقاب).
12 - مَنْ يستطيع حقاً أن يتعلم الكتابة، إن لم يبدأ أولاً بالمقاطع الصغيرة وكـل التـدريبات الأخرى التي يتعلمها بواسطة المعلم؟
مـَنْ سيستطيع أن يهرب من الهاوية والنار التي فيها إن لم يكن قد تعلم الخوف من العذاب، والوصايا التي أمرنا بها يسوع، المعلم الحقيقي؟
الإنسان الراسخ في شـروره، بدلا مـن أن يتخلى عنهـا ويتعلم فعـل الخير، لم يتعلم التفكير في الخـوف مـن المـوت ولا الخـوف مـن الله الـذي يعلِّمـه بواسطة الكتاب المقدس أن يرجـع عـن الـشـر ويصنع الخير.
الإنسان الذي يبخل بأمواله وثرواته لكي لا يتصدق بها على الفقراء والمعوزين، مثل هـذا (الإنسان) لم يقبل التفكير في الخوف مِن أنفاسه الأخيرة.
الإنسان الذي يجلس مع الذين اجتمعوا عند الميت يصوتون عليه أو يكفنوه، وهو يفكر في شهوات قلبه الشريرة، وتضلل نفسَه همـومُ هـذا الدهر،
ويريد أن ينهض وينصرف سريعا، (هذا الإنسان) لم يَتَرَبَّ في خوف الرب.
الإنسان الذي يعادي جـاره بـلا سبب حتى تغرب الشمس، والذي يظلم فقيراً، أو يسيء. يتيم معاملة وأرملة، ويعوج القضاء بالرشوة،
والذي يسرق أجرة العامل، والذي يزدري بعبده أو أمته في كبرياء فلا يعتني بهـم وهـم عرايا ويعوزهم الخبز وكل شيء،
والذي لا يريد أن يعامل الآخرين بالطريقة التي يحـب أن يُعَـامَـل بـهـا، ولا سيما الـوثني الـذي لم يرجع إلى الله،
أو الساحر، أو صـانع السموم، أو الزانـي، أو المأبون، ومضاجع الذكور، أو من يتنجس مع بهيمة، أو مـن يـدنس نفسه بأي طريقة أخرى،
أو الكذاب، أو من يحلف كذباً ، أو من يتفوه بـشـرور مـن فـمـه وأنفه، وكـل مـن يخطئ بكـل وسيلة ولم يرجـع عـن شـروره ليعمل أعمالاً صالحة،
(كل هؤلاء) لم يخشوا ساعة موتهم، ولم يخافوا من الله أن يجلب عليهم محنة على الأرض، أو يصيروا يابسين بواسطة اللعنات المكتوبة في الكتاب المقدس،
لأنها تحـل علـى كـل إنسان يصنع الخطية. وبالكاد يرفع عنا تلك اللعنات إذا رجعنا عن شرورنا.
وهـم لم يخافوا يوم الغضب والوقوف أمام كـرسـي قـضـاء الرب يسوع المسيح، ولم يخشوا الهاوية والعذابات التي فيها.
13 - أي إنسان ذي نفس متعقلة، ويعرف أنه لا يعلم الوقـت الـذي سيفارق فيـه العـالم ويمضي إلى الله،
لـن يـصـلـي لـكـي يجعلـه الله مستحقاً لمرض يقدر أن يحتمله في يوم موته، وإن كان المرض ثقيلاً، (يصلي) أن يعطيه القدرة على احتماله؟ لأن إرادة الـرب هـي السديدة.
لسنا نحن الذين نختار لأنفسنا، فنحن نبحث عن راحتنا، أما الرب فيبحث عن صالحنا. توجد أشياء كثيرة نخالها نافعة لنا، في حين ضارة لنا،
مثل شخص صحيح البدن ويصنع الخطية لأنه سليم من الأمراض، في حين أن الأفضل له أن يُمْرضه اللهُ في جسده عن أن يفعل الخطية.
أو مثل غني مُضَلَّل النفس، (فهذا) حسن له أن يعاقبه الله بالفقر عن أن يبتهج بالأمل الباطل، في حين هو لم يبتهج بالله مثل باقي القديسين.
كذلك أيضا مثلما يجلب الله على الأرض مـن حين لآخر بعض الآلام البسيطة، والتي نعتقد نحن أنها تضرنا، في نافعة لنـا جـداً، لأننا نجونا (بواسطتها) مـن شـرور عظيمة.
لأن يسوع الصالح يؤدبنا إذا لم نفعل مثل الجاهـل الـذي يُجْلَد وهو لا يعـي (هـذا).
أمـا المـؤمـن المعـافى في جسده والسليم من الأمراض، فقيراً كان أو غنياً، ويضبط نفـسـه بـالتقوى، ولا يظلـم الفقير، ويتصدق علـى المُعْتَـاز، فيأخـذ [...] في حـضـرة الـرب [...]
ولكـن طوباوي بالأكثر من سيحتمل المرض في بر، ويشكر الرب بواسطة الذين له، قائلاً: "طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة"
[...] المؤمن [...] الفقير يشكر الرب الذي يقـول بواسطة الذين لـه: فقراء العالم"، وأيضاً: "فقير بار خير من غني كذوب".
لأن أعظم وآخـر حـرب ضـد العـدو هـي أ أن يحتمل الإنسان المرض والفقر، مثل أيوب البار الذي لم يُهْزم في هاتين الحَرْبَين الشَرِسَتَيْن الذي صارعه فيهمـا الـشيطان،
عنـدمـا سـلـمـه الـربُّ للشيطان لكـي يجـربـه. لأن الشيطان كان يعرف أنه لا يملك قوة ولا حرباً أخرى أشـد مـن هـذَيْن الشيئين اللذين طلبهمـا مـن الـرب
أ ليس أنـك [سيجت حوله وحول بيته وحول كـل مـا لـه مـن كـل نـاحيـة؟ باركت أعمال يديه فانتشرت مواشيه في الأرض.
ولكن ابسط يدك ومـس عظـامـه ولحـمـه فإنه في وجهـك يـجـدف".
وهكـذا عـانى البـار في صبره، وكان يحتمل الألم العصيب في جسده حتى [...] ساعة الموت [...] أي ألم الموت الذي في الجحيم.
14 - مرعب أن يرى الإنسان (الملائكة) الذين يحضرون إليـه وهـو يموت، وأكثر رعباً أن يرى الإنسانُ الربَّ الجالس على عرش مجده يسأل كلَّ واحد عن كل ما صنع.
نحن لا نخشى الموت، بل نخشى من ضعفنا، لأننا نعلم أنه لا قدرة لنا أن نحتمل أي شيء. ونحن نخاف لأننا لم نُهَيِّئ أعمالنـا حـسناً لمساءلتنا أمـام الـرب.
لأننـا نـرى شـرنا أمامنا، وهـي لنـا عثرة مثل أحجار في الطريق الذي يسير فيـه كـلُّ واحد نحو الله. واسع هو الطريق ورحب، وكثيرون هم الذين يسيرون فيـه.
كثيرون هـم الـذين سيجتمعون عنـد كـرسـي قـضـاء الـرب. كثيرون هم الذين سيقول لهم: "إني لا أعرفكم لكي أرحمكم، بسبب أعمالكم الرديئة". ابقوا في جهنم مع الذي تحبونه".
وقليلون هـم الـذين سيقول لهم: "لا تخافوا. أنـا معـكـم بـسبب أعمـالكم الصالحة. لأني أريد أن أتراءف عليكم. ستكونون معي في مجدي دائما وفي الحياة الأبدية".
15 - كل إنسان، خاطئاً كان أم باراً، سيموت، كما عيَّن اللهُ لنا. من أجل ذلك يستطيع الإنسان أن يكون رابط الجأش، ويعزي نفسه، لكي يحتمل ألم المـوت بيسر،
لأن هـذا هـو قـدر الجميع، الـذين رحلـوا والـذين سيرحلون. أمـا بالنسبة للجحيم، فكمـا أن كثيرين هم الذين سيسود عليهم (الجحيم) بواسطة النار،
فكذلك كثيرون هم الذين سيهربون منه، لكي يذهبوا لأماكن الراحة التي في السموات.
16 - والآن، كيـف سيستطيع الـذين في الجحيم أن يكتسبوا لأنفسهم رباطة جأش،
أو أن يقنعوا أنفسهم أن يظلوا في وسط لهيب النار، وهم يرون المستحقين يدخلون المساكن التي في السموات؟
17 - كفاك، يا كلمة الله، تحذيراً لنا هكذا بزيادة، لأن هـذا قد انهار بسبب كلامك. عيناه قد بكتا،
ونفسه قد انزعجت بسبب معاصيه. لأنـه إن كانـت هـذه هـي الطريقـة الـتـي سيعاقَب بهـا في الجحيم، لكان خيراً له لو لم يولد.
18 - ولكـن لا تمنـع الـصالحات عـن الـذين يشتهون أن يسمعوا كلماتك، لأنه إن كان هكذا حال الذين سيرتاحون في ملكوت السموات،
فطوباهم أنهم وُلِدوا في العالم. لأنه بسبب أعمال وكلام البشر الخطاة سيدين الله (العالم).
وبسبب كـلام وأعمـال النـاس الأبرار سيبرر الله (العالم). فلو وضع الله الجحيم والنار وملكوت السموات وأماكن راحتها أمامنا الآن على الأرض،
هـل سـنريد أن ننحدر إلى الجحيم، أم سنريد أن ندخل ملكوت السموات؟ سـوف نريد [...] أن نهرب بعيدا عن الجحيم، ونسرع بالدخول إلى الملكوت.
وهكذا سـنهـرب مـن نـار جهنم، ونجد أماكن الراحة في الملكوت. فإن كانت الخطيـة عـنـد الـذي يقترفها حلوة لزمن يسير،
إنما النار التي سَيُعَاقَب بها في (الجحيم) مُرَّة إلى الأبد. وأيضاً إن كان من يصنع الصلاح متضايقاً أو متألماً، فالمكان المُعَدُّ لـه عـزاء وفـرح إلى الأبد.
وإن كان دخول الملكوت يمثل للإنسان سعادة، وَجَبَ عليه أن يسير في طرق (الملكوت) بكل اجتهاد، أي كل وصايا الله المكتوبة في الكتاب المقدس، والإيمان وكل أعمالـه البـارة.
وإن كان الانحدار إلى الجحيم يمثل للإنسان الخاطئ حُزْناً، وجب عليـه بـالأحرى أن ينبذ كل السبل التي تؤدي إليه، أي عدم الإيمان وكل أعماله الشريرة.
20 - مَن هم الطوباويون أو مَـن هـم البؤساء في ذلك المكان وذلك اليـوم؟
هـل هـم مـن يرتلون ويسبحون الله بفـرح في الملكوت بسبب الخيرات التي منحها لهم جزاء أعمالهم الصالحة؟
أم هـم البـاكون، الذين ينوحون ويصرخون بسبب هلاك روحهم في الجحيم مـن أجـل العذابات التي سيجلبها عليهم، جزاء كل سيئاتهم؟
21- مَن هم الطوباويون أو مـَن هـم البؤساء في يوم الممات؟
هـل هـم الأبرار الذين سيرون بفرح الملائكة الذين سيقفون عندهم، الذين حضروا إليهم من لدن الله ليأخذوهم إلى حضن أورشليم السمائية، أمهم الحقيقية، إلى الأبـد، مـن أجـل صـالـح أعمالهم؟
أم هـم الأثمـة الذين سينظرون في حزن الملائكة الواقفين عندهم، الذين حضروا إليهم من لدن الله ليحدروهم إلى الجحيم من أجـل شـر أعمالهم؟
هـي مخدعهم، كما هو مكتوب: "اضطجعوا في راحة في الهاوية". فما هـي راحـة أولئك في أن يكون الموت هـو الـذي يرعاهم ويسوقهم إلى النار والدود وكل عذاب؟
22 - مَن هم الطوباويون أو مَـن هـم البؤساء؟
هـل الأبرار هـم الـذين سيُعْزَلُون عن الأشرار في اليوم الأخير ويُجْمَعُون إلى الملكوت بواسطة الملائكة،
أم أن الخطاة هم الذين سيُعْزَلُون عن الأبرار، كما يميز الراعي الخراف من الجداء، ويُنْفَون بواسطة الملائكة بغضب إلى جهنم النار كاستحقاقهم؟
23 - يا لهذه الغفلة الكبيرة والضلالة العظيمة! فإنه إما أن يغصب الإنسانُ نفسَه، سواء كان الآن مُغتمَّاً أم سعيداً ، ويفعل الخير خلال أيامه القليلة على الأرض،
ويأخذ البركـة مـن الله في حياته الآنيـة ، ويباركه (الله) في المكان الذي سيمضي إليه، ويأخذه إلى الملكوت إلى الأبد،
أو أن يصنع الإنسان الشر ويُسَرَّ أياماً قليلة على الأرض، ويأخـذ لعنـة مـن الله في حياته الآنية،
ويلعنه (اللهُ) في المكـان الـذي سيمضي إليه ويُلْقَى في الجحيم إلى الأبد.
24 - مَـن هـم الـذين سيتكلمون في ذلك المكان وفي ذلـك اليـوم، ويجعلهم الـرب مـستحقين أن يجاوبهم،
سـوى الـذين أطاعوه علـى الأرض، وابتعدوا عن الشر، وصنعوا الخير، بأن انتبهوا لوصاياه؟
25 - مَـن هـم الـذين سيصرخون في ذلك اليوم، ولن يلتفت الله إلى صراخهم، سـوى الـذين لم يطيعـوه عـلـى الأرض،
ولم يريدوا أن يبتعدوا عن الشر، ويصنعوا الخير، لأنهم لم يلتفتوا إلى وصاياه؟
26 - إن كـان هـو بؤس للإنسان أن يمرض مرض الموت، بالرغم مـن أنـه قـَدَرُ الجميع،
فكـم يكـون أشـد بؤساً للإنسان أن يمرض مرضاً صديديَّاً يسيل منه في الجحيم من جَرَّاء عذاب النـار والـدود.
لأن المـوت يجـعـل الأبـرار مُـَطَّـوبين؛ لأنهـم فــارقوا ألم ذلك المسكن وضيقه ليمضوا إلى الله الذي سيقبلهم إليه في السموات، ويمنحهم الراحة من كل عذاباتهم.
أما الخطاة فيجعلهم الموتُ بؤساء؛ لأنهم فارقوا سعادة ذلك المسكن وراحته ليذهبوا إلى الله الذي سيقول لهم: "إني لا أعرفكم، ابعدوا عني.
لا تَتَجَرَّؤا أن تتضرعوا أمامي بكلمة واحدة؛ لأن هذا ليس هو الوقت (المناسب). فأنتم لم تتضرعوا إليَّ حينما كان الوقت مناسباً.
الآن تتضرعون، والآن تطلبون؟ الآن تبكـون، والآن تتنهـدون بمرارة؟ الآن تتوسلون أن أتـراءف عليكم؟ ليس هذا هو الوقت (المناسب). سترثكم النار".
27 - إن الله يُعَيِّن أن يسود الجحيمُ على كل البشر مثلما عين أن يـذوق كـلُّ البـشـر ألم المـوت.
فـالجحيم قـد أعـدَّهُ لإبليس وشياطينه. الإنسان هو الذي يختار لنفسه الجحيم بواسطة أعماله الشريرة،
بأن ينحدر إليه ويصير عبداً لمرض الظلمة، جزاءً لعبودية آثامه التي اقترفها.
28 - مَـن مِـن الـبـشـر، حتـى لـو كـان خاطئًا، سيفضل لنفـسـه مـوت الخطية على حياة البر؟
ومع ذلك فهو يختار لنفسه مرض الخطية التي للشيطان. إنه يكره الموت المُعَيَّن من الله، ويبغض ألمه العابر،
في حين أنه يختار لنفسه، بواسطة أعماله الرديئة، عذاب الجحيم الذي سيجثم عليـه إلى الأبد. وهـو لا يريد أن يغادر هـذا المسكن،
لكي لا يفـارق شهواته، وأطعمته ومشروباته، وكافة رغباته الأخرى، هذه التي حتماً ستزول مثـل ظـلال.
ولكنه يريد أيضا أن يمضي إلى أماكن النيـاح التي في السموات، ليشبع من الخيرات التي لن تزول أبداً.
29 - الإنسان البار يبذل قصارى جهده في كل عمل حسب مشيئة أبيه الذي في السموات، لكي يعد لنفسه مكان راحةٍ في ملكوت السموات إلى الأبد.
والإنسان الخاطئ يبذل نفسه للخطيـة بسعادة بالغة، لكي يعد لنفسه ناراً إلى الأبد
لأن بسببه يبكي الآن الذين في الجحيم، وسيبكي أيضاً الذين سينحدرون إليه في كل زمن، ولا سيما في نهايـة الـدهـر، في اليـوم الـذي سيجمع فيـه الـربُّ التبن فوق التبن،
أي الذين أخطأوا منذ البدء والذين يخطئون الآن أيضاً [...] جهنم، كمـا هـو مـكـتـوب: "أمـا الـتـبن فسيُحْرَق بنـار لا تطفأ".
لأنه هو أيضا قد تغير [...] أي الـرب [...] في اليـوم الـذي فيـه هو مزمع أن يدين كلَّ أحد،
لأننا قد تركنا عنـا الأعمال الصالحة (التي هي) حسب طبيعتنا، وصنعنا أعمالاً شريرة (الـتـي هـي) ضـد طبيعتنا.
وبدلاً من أن نتصرف كبشر تصرفنا كبهائم، وبدلاً من أن نسلك كخراف سلكنا كحيوانات،
كما قال الرب لهؤلاء: "هـا أنـا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب"، أي (وسط) أناس خطاة قد [...] شـأن طبيعتهم [...] لأننـا نمـوت في خطايانا، والرب يديننـا مـن أجـل أعمالنا الرديئة.
31 - سأقول أيضاً [...]: مبـارك هـو الفـكـر الـصالح الـذي للـرب الـذي يخطـر علـى قـلـب الإنسان؛ لأن بـسببه يبتهج الآن الـذين في ملكوت السموات.
وكذلك سيبتهج الذين سيدخلون (الملكوت) في كل زمـن بواسطة أعمالهم الصالحة، ولا سيما في نهاية الدهر،
في اليـوم الـذي فيـه هـو مـزمـع أن يجمع الحنطـة فـوق الحنطة، أي الذين فعلوا الصالحات والذين يفعلونها الآن أيضا.
وسوف يجمعهم معاً إلى ملكوته، كما هو مكتوب: "أما الحنطة فستُجْمَع إلى مخزني". لأن الله لم يتغير في أحكامه، وهـو أيـضاً [...] وكـلامـه الـذي قاله سابقاً لن يتغير أبداً.
لأن الحُكْم هو بلا رحمة لمن لم يعمل الرحمة. فالله لا يأخـذ بوجـه إنسان، كمـا هـو مـكـتوب،
ولا [...] أيضاً الذين قد صنعوا مشيئته لقيامة الحياة، وسيمنحهم في ذلك اليـوم مـا يشتهون وأكثر.
أمـا الـذين فعلـوا مـا يكـرهـه فـإلى قيامة الدينونة، وسيعطيهم ما يكرهون، فضلا عن ضيقات أخرى عديدة.
32 - يا لهذه الظلمة العظيمة والسواد الحالـك الـذي يجـثـم علـى قلبنا ، ويسيطر على نفوسنا غير المتهذبة، ولا تدعنا نميز الحق.
لأنه إما أن يصنع الإنسان الخير ويصير شبيها بالملائكة، كمـا هـو مكتوب، وابناً لله في ملكوته، ويزداد جداً في مجـد الـرب،
أو أن يصنع الشر ويصير في لعنة الشياطين، الذين هـو يشبههم، في أتون النار، ويزداد جداً في العذاب وغضب الله.
33 - إما أن يتألم الإنسان صانعاً الصالحات، لأنه سيتمجد أيضاً مع يسوع في ملكوته،
أو أن يتحول إلى شيطان في شرور عظيمة، لأنه ستلحقه اللعنة أيضاً مع الشيطان في الجحيم.
34 - إمـا أن [...] الإنـسـان مـع يـسـوع بأعمـال بـر [...] يُسْتَعْبَد للشيطان في النار في هزء وخزي إلى الأبد.
35 - إما أن يصنع الإنسان الخير علانية، ولا يخـشـى أحـداً مـن الذين يرونه، ويُؤْخَذَ إلى ملكوت الله علانية،
أو أن يصنع الـشـر مُتَلَفِّنَاً هنا وهناك، خائفـاً مـن الـذين يرونه، فيُؤْخَذ تحت التهديد بواسطة الملائكة إلى الجحيم.
36 - لأنه ما هي أعمال الشيطان اللعينة التي يصنعها النـاس سـراً؟ هل دخلوا إلى مخدعهم وصلوا في الخفاء؟
أم أنهم صنعوا صدقة ولم يجعلـوا شمـالـهم تـعـرف مـا تفـعـل يمينهم؟
أم أن مشورات وأفكـار الشيطان هي الأفكار التي يقبلها الإنسان ليصنعها أو حتى يلتفت إليها؟
أ ليست هي تلك التي كُتِبَ عنها: "قد قبلت إليك كلمة باطلة"، وكذلك "لا تضع قلبك على كل الكلام الذي يقوله الأشرار"؟
هـل قَبل مثل هؤلاء مشورة الرب ليعملوها، كما قال: "اسمع، يا ابني، واقبل أقوالي"، وأيضا: "يا ابني، احفظ كلامي "؟
لأن [...] الجهل، والمعصية، والدنس، والزني، والشر، والظلم، والسرقة، والحسد، والكراهية، والعداوة، وكل شر يخطر على قلب الإنسان الذي سبق وقبل الفكر الشرير.
كذلك [...] التعلم، والطاعة، والحق، وعدم الخداع، وقول الكلام الصحيح، ووحدانيـة القلب،
وكـل صـلاح يخطر على قلب الإنسان الذي سبق وقبل إليه الفكر الصالح، لكي يشير عليك بكل طهارة يريد منك أن تصنعها.
37 - هل قبلت إليك الرب؟ (إذاً) فقد جلبت على نفسك بركة على الأرض كل أيام حياتك، وأعددت لنفسك مكان نياح في ملكوت السموات إلى الأبد.
هـل قبلت إليك الفكر الشرير؟ (إذاً) فقد قبلت إليك الشيطان لكي يشير عليك بكل قُبْح وكل خطيـة يريد منك أن تصنعها بنفسك من أجله.
و(بهذا تكون) قد قبلت إليك العدو، وجلبـت علـى نـفـسـك لـعنـة علـى الأرض كـل أيـام حياتك، وأعـددت لنفسك ناراً في الجحيم إلى الأبد.
38 - هـل هـربـتَ مـن الخطية [...] بأن انتبهت، واخترت لنفسك أن تصنع الخير بالتمـام؟
(إذاً) فقـد خلـصـت نـفـسـك [...] مـن جـهـنـم، وأعددت لنفسك مكان نياح في ملكوت السموات [...]
لقد حفظت الوصايا [...] الذي يتعالى الآن على الأرض، كما هو مكتوب [...] تقويك [...] الحقيقي، وأعددت لنفسك ملكوت السموات
و[...] في مكان حيث لا أحد سيقدم فيه المشورة [...] وأشعلت لنفسك ناراً لا تُطفأ، و [...] المكان حيث الأبدية لن تذكرك فيه.
39 - هل خططت أو فكرت في مخدعك في الظلم لتُتَمِمَهُ، كما هـو مـكـتـوب؟
(إذاً) فقد ثبَّتَّ وعيَّنت لنفسك، بواسطة أعمالـك الرديئة، مسالكَ تؤدي إلى الجحيم.
40 - هـل حـزنـت ـ كمـا هـو مـكـتـوب - في مضاجعك علـى مـا - تتقولـه؟
هـل رجـعـت عـن الـشـرور الـتـي تـصنعها، أو فكـرت أن تصنعها؟ (إذاً) فقد حولت عنك غضب الرب، وأخمدت أيضاً جذوة النار التي أشعلتها لنفسك في الجحيم.
41 - هـل دنـسـت هيكـل اللـه بـالزني، أو بواسـطـة أنـواع أخـرى مـن الأدناس، ولا سيما عن طريق التخنث أو الاضطجاع مع الذكور؟
(إذاً) فقد أهلكت بيدك نفسك وجسدك في ذلك اليـوم في الجحيم بواسطة حُكْم الرسول القائل: "من يفسد هيكل الله سيفسده الله".
42 - هـل ظلمت الفقير، وقهرت اليتيم والأرملة والغريب؟ (إذاً) فقـد ظلمت نفسك بنفسك دون أن تـدري، وجعلت نفسك الآن على الأرض غريباً من رحمة الله،
وأسأت لنفسك بنفسك في ذلك اليـوم في أتـون النـار المشتعل [...] بواسطة حنق غضب الله الذي يزيد لهب النار اشتعالاً.
43 - هل سرقت إنساناً أو بيته، إنساناً أو ميراثه، أو سلبت عبـده أو بهيمته أو أي شيء البتة؟
وكما أنك تريد ألا يُفْعَل هذا بك، [...] فعلته بجارك [...] وحدك أماكن النياح التي في السموات، وحطمت حياتك بنفسك، وشيدت لنفسك داراً في الجحيم،
واخترت لنفسك بنفسك الطريقة التي لا تريد أن تُعَامَل بها، لكي يعاملك الله بها في جهنم. لقد سُلِبْتَ بواسطة لهب النار الذي يَتَسَيَّد على نفسك وجسدك جزاءً (لك) على ما سرقته أو اغتصبته مما لا يخصك.
واستأجرت محامياً شريراً، قد أسلم نفسه لغضب الله من أجل الذهب، لكي يتكلم بما تشتهي، حتى تقتل خصمك الـذي تنازعـه بـلا سبب، أو يذهب مـن عنـدك مفضوحاً، لأنك تملك أن تدفع؟
(إذاً) فقد أبدت حريتك بيدك، وسلبت من حياتك كل الخير الذي في السموات، الذي وعد اللهُ أن يعطيه للذين يحبونه، الذين حفظـوا كـلامـه؛
و(إذاً) فقـد أعـددت نفسك وبدنك لـ [...] في ذلك اليوم، وعينت لنفسك خزياً مريراً، لكي تمضي مـن عنـد كرسي قضاء يسوع وأنت مخزي.
ولكنك لن تُطْرَحَ خارجاً بواسطة الملائكة الواقفين عنده فقط، بل بواسطة كلمة دينونة الله، وتهرب بنفسك وبكل قوتك مرتعـداً نحـو الجحيم،
لكي تَلْقَـى مـن ذلـك المكـان بواسطة النار جزاء ما فعلته بالآخرين. أما هذا الذي انتصرت عليه فقد خرج من عند الحاكم باكياً،
وقد طُرِدَ بواسطة الجنود، لأنه لا يوجـد قـضـاء عـادل في دار القضاء هـذا، وقـد سـَخَـرْتَ أنـت مـن دموعـه.
أمـا أنـت فـقـد خـرجـت مـن عنـد الـرب يسوع باكياً في يـوم الدينونة الحقيقية التي لله، وقد طُرِدْتَ بواسطة الجنود الملائكية، من قوات الرب الملك [...]
لقد خرجت من عند الحاكم [...] أما أنت فقد خرجت من عند الرب في ذلك اليـوم إلى حيث يكون البكاء وصرير الأسنان، وليس لك قدرة على فتح فمك لتقول كلمة واحدة أمام [...]
لقـد خـرج مـن عنـد القاضي [...] المكان الذي سيرتاح فيـه [...] الماء والملبس [...] بكلمات كهذه: "إن الله سيحكم عليك".
أما أنت فقد خرجت من عند الرب يسوع إلى النار التي لا تطفأ، ويعوزك الخبز والماء والملبس، وتحترق في وسط النار، جائعاً وظمأن وعرياناً في وسط الصقيع،
في حين نفسك وجسدك يُعَذَّبَان في ذلك المكان كل حين، ولـن يـوجـد مـن يجفف دمع عينيك، مُعَزِّيَاً، في الجحيم الذي صار لك مسكناً إلى الأبد،
بسبب مَن ظلمتهم في كل شيء ، بسبب الدم البار الذي سفكته، وكل الشرور الأخرى التي اقترفتها ولم تتب عنها قبل مماتك.
45 - هل يوجد أشر من الإنسان الذي يدنس جسده ويلوثه مع امرأة ليست له، أو مع بهيمة، أو يدنسه بأي وسيلة أخـرى قـذرة؟
ولكـن الأشر (منه) هو من يظلم إنساناً. فمن يزني يصبح سيداً على جسده وأعضاء الزني، وليست له أعضاء المسيح، أما الظالم فليس سيداً على من ظلمه.
46 - أيها الإنسان، أنت لا تملك الفقير الذي اختاره الربُّ لكي يموت من أجله، كما هو مكتوب [...] أنت تزدري بهم بخَيْـلائك وعدم [...]
شـديـد هـو الغضب الذي سيلحق بكـل واحـد منـا في يـوم الدينونة، جزاء شرورنا التي اقترفناها، إن لم نتب عنها سريعاً.
47 - هل سقطتَ في آثام عديدة، ولا سيما الزنى والظلم؟ (إذاً) فقد ذهبت إلى الجحيم. هل هربت من الزنى والظلم وكل خطية؟
(إذاً) فقد هربت من الجحيم، وأنقذت نفسك مـن آتـون النـار المتقد. هـل انغلبت بواسطة عدم الإيمان، لكي لا تعرف الله الذي جبلك، ولم تدع عنك أعمال السحر؟
(إذاً) فسوف يغلبك الجحيم بواسطة عذاب النار التي فيه، ولن يعرفك الرب يسوع لكي يرحمك في ذلك اليوم، كما هو مكتوب؛
لأنك عرفت في حياتك أباطيل لتعبـدهـا أكثـر مـن الإلـه الحقيقي. فالخطية لم تتركك، وأنت لم تهرب من الخطية؛ لأنك لا تريد أن تتوب.
(هكذا) لن تتركك نار جهنم، ولن تهرب أنت منها إلى الأبد، بالرغم من أنك لا تريد أن تبقى بها لحظة واحدة.
48 - أما إذا كنت قد تُبت، وتضرعت إلى الله على الأرض، عابداً إياه حقًّاً، وتُعُجِّبَ في السموات مـن تـوبتـك وسلوكك (المسيحي)،
فسوف تتعجـب أنـت بـدورك من الخيرات التي سيصنعها لك الله في ذلـك اليـوم.
هـل اشتركت في آلام الرب خلال أيام حياتك القلائل؟
(إذاً) فسوف تصير معه في كل راحة في ملكوت السموات. هـل رتلت للرب وسبحته أمام ملائكته كل أيام حياتك على الأرض، كما هو مكتوب؟
(إذاً) فسوف تسبحه وترتل له معهم في السموات، وأنت تنظرهم وجهاً لوجه، وتتحدث معهم، وتكلمهم فماً لفم.
49 - أما إذا كان قد تُعُجِّبَ في السموات من إثمك وكُفْرك التام على الأرض في كل شر،
فسوف تنوح أيضاً على كل العذابات التي سيجلبها الله عليـك في ذلـك اليـوم. هـل شـاركت الشيطان في ألم الشهوة والآثام خلال أيام حياتك القلائل؟
(إذاً) فسوف تصير معه في كل ألم إلى الأبد. هـل جـدفت بفمك بكلمات شريرة، مُكَرِّماً بها العدو وشياطينه كل أيام حياتك؟
(إذاً) فسوف تلعنـه هـو وشياطينه في الجحيم، ذلك الملاك المرتد المجنون، الذي سقط من السماء مثل البرق.
50 - أيـن هـي الآن فـائـدة الخطيـة حـتـى نقترفهـا؟
وإن كُنَّـا قـد صنعناها بغير معرفة، فلماذا لا نتخلى عنهـا؟
هـذه هـي عقوبات الخطاة: غضب، وسخط، ولعنة، وعذابات أخرى عديدة تحل عليهم على الأرض من قِبَل الرب،
حسب كـل مـا هـو مكتوب في الأسفار (المقدسة)، وفي المكـان الـذي نحـن عتيـدون أن نمضي إليـه:
ظلمة، وصقيع، وجوع، وظمأ، ونار لا تُطفأ، وعذابات أخرى كثيرة ستحل عليهم من قِبَل الله.
51 - مـا هـي خسارة (فعل) الخير حتى نتردد في فعله؟
وإن كنـا نفعله، فلماذا لا نحبـه أكثر؟
هـا هـي الأشياء التي خسرها الذين يفعلون الخير أو سُلِبَت منهم: الزني، الدنس، الكذب، الظلم، الغضب، السخط،
وكل الشرور الأخرى، لكي يهربوا أيضاً من الغضب الآتي، ومـن سـخط ولعنـة وعـذابات أخرى كثيرة.
لكنهم سيأخذون أيضاً من الله مجداً، وبركة، وكرامة عظيمة – لكي يهربوا أيضاً من أتـون النـار المتقدة،
والدود الذي لا ينام، والجحيم، والظلمة التي فيه، وعذابات (الجحيم) الأخرى العديدة – وملكوت السموات لكي يرثوه حسب كل ما هو مكتوب في الكتاب المقدس.
52 - كُفَّ، يا كلمـة الله الحقيقي، عـن هـذا الـقـول: لأننـا بالحقيقـة قـد صـرنـا عـدمـاً أمـام مـشـوراتك.
حاشا، لـن يـكـون هـذا أبداً، بل سوف تستمر لتشهد للجالسين ههنا يسمعون.
53 - مَـنْ مِـن المـلـوك غير المؤمنين والخطـاة سوف يقدر أن يملـك أيضاً في السموات بالقهر والطغيان،
كما اعتادوا أن يقوموا علـى بعضهم البعض على الأرض، فيقتل أحدهم الآخر ويغتصب مُلْكَه؟
مَـنْ مِـن النـاس، حاكمـاً كـان أم موظفاً كبيراً مـن الـذين يخلفـون بعضهم بعضاً، سيقدر أن يدفع ذهبـاً وفـضـة حـتـى يـجـد راحـة في ملكوت السموات، كما اعتـاد أن يفعـل علـى الأرض؟
مَـنْ مِـن المتكبرين والمرائين والمفتخرين سوف يقدر أيضاً أن يدفع ذهباً وفضة حتى يُمْنَح راحـة في السموات، كمـا اعتـاد أن يفعـل علـى الأرض ليصير كاهناً في بيت الله؟
طوباويون هم الذين يُغْصَبون رغماً عنهم علـى مـثـل هـذه الوظائف الكهنوتية، إذا تممـوا الواجب (المفروض عليهم) حسناً.
وبؤسـاء جـدَّاً هـم الـذين يغتصبون تلك الوظائف الكهنوتية هكذا مقابل فضة وذهب.
وويل لهم بزيادة إن لم يتمموا مـا يـلـيـق بـالزي واللَّقـب الـذي حصلوا عليـه بالرشوة، بَقَـر وعربات وهدايا أخـرى مـن هـذا النوع للإكرام،
ولكي يطمسوا عيـون مـن يتلقاها، مثل شخص قد انطمست عيناه من كثرة الغُبار، بأن يملأ الإنسان يده من التراب ويذريه في عينيه، فكما هو مكتوب، فإن الهدايا تطمس عيني المبصرين.
54 - لأن كلمـة الله لـه السلطان أن يقـول إنـه كـمـا أن يهوذا قـد أسلم الربَّ لأيدي اليهود في ذلك الزمان، عندما أقنعوا ذلك الإنسان الدموي بواسطة الفضة،
هكذا الآن أيضاً المرتشون والراشون حتى يصيروا كهنـة في بيت الله مقابـل هـدايا وليس مـن أجـل بـرهـم.
إن كان يوجد شخص قد دفع مالاً ليحصل لنفسه على لقب أن يُدْعَى "كاهن الرب"، ويفعل أعمالاً صالحة ليُمَجَّد الله بواسطته، فلنقل إذاً: حسناً [...]،
ولكنه يبذل أمواله من أجل مجد باطل حتى يحمل [...] اللقب أمـام النـاس، بينما الأعمال التي يُمَجَّد الله بواسطتها لا علاقة لها باللقب.
مـثـل هـذا (الإنسان) قد خسر ذهـبـه وفـضته، وكسب لنفسه عذاباً أبديَّاً، هو والذين حَصَّلوا منه [...]، ويتاجرون بممتلكات وسرائر بيت الله، الكنيسة الجامعة، مثل مَن يبيع حقـلاً أو يشتري كرماً.
لأنـه مـن نـاحيـة قـد ثـُمَّـنَ الـرب يـسـوع مـن بـنـي إسرائيل في ذلك الزمان، ومن ناحية أخرى يتاجر آخرون بكلمة الله كما هو مكتوب.
وآخرون، منذ البدء وحتى الآن، يقضون مقابل رشوة، ويُعَلِّمـون مـقـابـل أجـرة، ويُنَجِّـمـون مقابـل فـضة، كمـا هـو مكتوب في الأنبيـاء.
وآخرون يشتعلون الآن بشهوات قلبهم المحـب دائما للسلطة.
وهم يريدون أن يبذلوا كل ما يملكون حتى يحصلوا على لقب المناصب الإلهية من أجل مجد باطل، وليس لكي يفعلوا الـحـق الـذي [...] يقـوم [...]، أي الـذين في ذلـك المـوت [...]
إذا قـال المرتشون للراشين: "ماذا تريدون أن تعطونا لكي نجعلكم تحصلون علـى هـذا المنصب؟"،
مثلما اتفق رؤساء الكهنـة مـع يهوذا في ذلك الـزمـان أن يعطـوه مـالاً، لَمَّا قال لهم: "ماذا تريدون أن تعطـونـي وأنـا أُسَلِّم لكـم الـرب؟"
وكمـا أن أولئك الأثمـة مـن رؤساء الكهنـة والكتبة وكـل الآخرين، ولا سيما يهوذا، لم ينتفعـوا (شيئاً) مما صنعوا، وفوق ذلـك قـد خـسر ذاك حياته،
وبعـدهـا شـنـق نفسه، هكذا أيضا المرتشون والراشون في هذه المتاجرات الشريرة.
فبينما هم يُحَصِّلون مِمَنْ يمنحونهم (المال) على لقب المناصب الإلهية مقابل رشوة، لا ينتفعون (شيئاً) مما يفعلون، بـل هـم يُعِدُّون لأنفسهم دينونة من الله.
ربما يعتقد الذين يفكرون في هذا أنه "إذ مـا نـحـن صـار لنا سلطان (كهنوتي) بواسطة المال، وليس بواسطة طهارة ولا بواسطة بر، سوف نسترده مـن آخـرين أضعافاً مضاعفة"،
[...] بـأنهم هـم أنفسهم يُعَلِّمون الذين يريدون أن يحصلوا منهم على اللقب المكـرم مقابل ذهب أن يعطوا.
كذلك الذين يبذلون (المال) حتى يحصلوا على حُكْـم (مقاطعة) بـالظلم، يأملون أن يجمعـوا مـا دفعـوه لعديدين أضعافاً من كثيرين.
إن كـل واحـد مـمـن يفـعـلـون هـذه الأفعال إنما يحصل لنفـسـه علـى تـعـدٍّ مـقـابـل ذهـب وفـضـة.
ولقـب المناصـب (الكهنوتية) التي عينها الله على الأرض - لأنه لا يوجد سلطان إلا لو كان منـه - يمنحونه لبعضهم البعض بيعاً وشراءً مقابل رشاوي كثيرة بأنواع مختلفة.
55 - أما نحن فلا نكتفي بالخطايا التي اقترفناهـا أمام الله حتى نضيف أثقالاً أخرى علينا، بواسطة ذلك النوع من تلك الآثام الأخرى، في يوم باطل سينصرم عاجلاً، كما هو مكتوب.
وليس من أجل عمل أعمال بـارة وأحكام عادلة نريد أن نحصل لأنفسنا على لقب المناصب الإلهية.
56 - مَن مِن البشر سيقدر أن يدفع ذهباً أو فضة أو أي رشوة أخرى على الإطلاق لكي يهرب من كرسي قضاء يسوع المسيح ابن الله،
وينقذ نفـسـه مـن النـار الـتي في الجحيم في يـوم الـغـضب، ويدخل أماكن الراحة التي في السموات؟
57 - ولكن أين ستجد ما لم تحمله معك حتى تبذل نفسك [...] في ذلك اليوم، كما لو أن الله سيأخذه منك؟
أ لا تترك في يوم الممات الأموال، ناظراً إليهـا وأنـت بـاكٍ، وتقول كلمـات هـزيـلـة (للأمـوال) تقود للتجديف: "يا للقسوة، لم يتركوني أشبع من غِنايا"؟
وتجعلها تُحْضَر إليك وأنت تتنهد عليها، وتبكي، وتضرب كفاً بكف في تعجب وحيرة، ولن تستطيع أن تفعـل شيئاً؛ لأن آخـريـن هـم الـذين سيسلبون متاعك، ولن يتركوك تشبع من خيراتك.
ولكن كيف لهم أن يشبعوا وعيناك لا تشبع، مثلهما مثل الهاوية والهلاك لا يشبعان، حسب (قول) الكتاب المقدس؟
أيهـا الإنـسـان الـذي لا يشبع، ليس فقط من الخبز والماء وأطعمة أخرى كثيرة، بل لا يشبع أيضاً من الذهب والفضة وكل غنى.
لأن تلك (الأشياء) هي التي تجـر الإنسان العديم الرحمة والمحب للمال للفخ، كما هو مكتوب: "أما الذين يريدون أن يكونـوا أغنياء فسيسقطون في تجـارب وفـخـاخ وشهوات كثيرة".
58 - سوف تسير عريانـاً علـى الـطـريـق الـذي ستذهب فيـه فـي يـوم الممات، وسيقتسم كثيرون ممتلكاتك فيمـا بيـنهم. ستكون في شقاء وخزي أمام الله.
يا من تملك خيراتك، هل تريد أن تشبع منها؟ إذاً حوّل غناك مـن هـذا الموطن (الأرضي) القصير الأجل إلى المكان الذي أنت ذاهب إليه إلى الأبد.
لأن الإنسان الذي يعلم أنه سيأتي يـوم سيُطْرَد فيـه، كمـا مـن عـدو، مـن الـكـورة الـتـي يقـطـن فيهـا، يستطيع، إن كـان حكيماً، أن يسبق ويرسـل أمـامـه أموالـه إلى الكـورة الـتي سيمضي إليها،
حتى إذا أتى (ذلـك) اليـوم، يسافر متخففاً، ويستريح في تلك الكورة، ويشبع من خيراته.
59 - هكذا أيضاً إن كنـتَ أنـت حكيماً، فتذكر أن يومـاً سيأتي، سوف تُطَارَد فيه بواسطة المـوت الفظيع، وتُطْـرَد مـن هـذا المسكن (الأرضـي).
وذلـك بـأن تكسيهم وتطعمهم، حتى إذا حضـر يـوم الـوفــاة – لأنـك كـمـا تـعـلـم لا توجـد قـوة تجعلك تقـدر أن تحمل معك شيئا مما تملكه - سـتفارق ذلك المسكن،
وترتاح في ملكوت السموات، وتشبع حقًّا من خيراتك.
60 - أما عن الموت الفظيع الذي سبق وتكلمنا عنه، فنحن لا نقول أنه فظيع بالنسبة للبار،
لأنه "كريم عنـد الـرب مـوت قـديـسيه" ولكني أقصد أنه فظيع بالنسبة للخطاة، وأكثر فظاعة لهم مما من عدو، كما هو مكتوب: "سيء هو موت الأشرار".
61 - إنه لوقت قصير ذلك الذي سوف تصرفه وأنت تُطْعِم الفقير مما ليس هو لك، لأنك ستمضي وتتركه. أما أنت فسوف تشبع من الخيرات التي في ملكوت السموات إلى الأبد.
هل كسوت الفقير أو أطعمته؟
(إذاً) فقـد كـسـوت الرب يسوع وأطعمته. هـو أيـضـاً سـوف يكسوك ويعطيـك راحـة إلى الأبد في ملكوتـه هـل زُرْتَ المرضى الذين يؤمنون بالله، وقبلت إليك الغريب؟
هـل تراءفت على السجين وزرتـه؟
(إذاً) فقد زرت الـرب وقبلتـه إليـك. الـرب سيزورك، وليس هـذا فقط، بل وسيشفيك أيـضـاً مـن مـرض كـافـة تعـدياتك، وسيتراءف عليـك ويَقْبَلك إليـه،
كمـا قـال: "كـن ضـامـن عبـدك للخير". هل كافحت من أجل كل عمل صالح، حتى الذي سقيته مجـرد كـأس مـاء بـارد؟
(إذاً) ستأخذها كلهـا مـن الـرب أضعافاً مضاعفة، على الأرض وفي ملكوت السموات.
62 - هـل كـان الفقير جائعاً ولم تعطه (طعاماً)، أو كان ظـمـآنَ ولم تسقه، أو عرياناً ولم تكسه؟
أيضاً لـن يطعمـك الرب في يـوم الـغـضـب وأنـت جـائع، ولـن يسقيك وأنـت ظـمـآن، ولـن يكسوك وأنت عريان. أ لم تزر المريض، ولم تقبـل إلـيـك الغريب، ونسيت العريان؟
(إذاً) فقـد نـسيـت الـرب ولم تزره ولم تقبلـه إليـك. أيضا لن يفتقدك الرب ليرحمك في يوم الغضب، وذلك بأن تموت في خطاياك، وتكون متممـاً لـعـدم الـرحمـة.
ولـن يقبلـك في ملكوت السموات، ولن يذكرك في الجحيم، بعد أن يكون قـد عـزل القساة عن الرحماء، وبعد أن يكون قد عُزِلَ القش عن الحنطة.
أنت لم تعط الجائع ليأكـل مـن الخيرات التي تملكها لوقت قصير، تلك الـتـي سـتزول.
ولكـن كـثيرين سيعطونه ليأكـل مـن خيراتهـم، ويهتمون به، لكي يُرِيحوه على الأرض في كل ما يحتاج إليه.
ولكن مَـن الـذي سيطعمك، أو يجعلك تذوق، أو سيهتم بك على الإطلاق بواسطة أي شيء صالح،
لكي يريحك في أتون النار المتقد، وذلك بأن يتخلى عنك الرب في ذلك المكان في يوم الغضب؟
63 - أي ملك ظالم آثم سوف يقدر أن يساعد ملكاً شريراً لكي يحاربا النار والدود وكل الشدائد التي في الجحيم حتى يهربا منها؟
أو أي مـلـك سـوف يستطيع أن يُعِين ملكاً آخـر لـكــي يحـشـدا كـل حشودهما ويحاربا حتى يسرقا لنفسيهما أماكن راحة في ملكوت السموات، كما اعتاد الظالمون أن يسرقوا مـدنا لأنفسهم؟
أي غني سيقدر أن يجعل في ذلك المكـان مـن الفقراء عبيداً، لكي يأكل، ويشرب، ويزداد (غنى)، ويتنعم بالشبع من كل شيء،
على حساب عذاب جمـوع مـن المساكين يعوزهم الخبز والملبس وكل احتياجات الجـسـد؟
مَـن مِـن الأثمـة سيقدر أن يتكـل علـى أحـد الوجهاء أو أي طاغيـة آخـر علـى الإطلاق، لكي يحميـه مـن كـل العـذابات الـتي ستلحق به في يوم الغضب؟
64 - أيها الإنسان العاتي في الشر، هل ألقيت بالفقير من بيته، ولم تدع له مكاناً لكي يسكن فيه؟
سوف يقذف بك الله من أماكن الراحة الخاصة به التي في السموات، ولن تجد (لنفسك) موطئ قدم في أورشليم السمائية.
65 - هل سلبت ممن ظلمته ذلك الحقل أو بهائمه أو أي شيء آخر مـن المتاع؟
سوف تُسْلَب أنت أيـضـاً مـن حيـاة كل الخيرات التي في ملكوت السموات،
لكي تُأْخَذ رغماً عنك بواسطة ملاك الغضب إلى حيث يكون البكاء وصرير الأسنان، لكي لا تعـود تـرى مـنـذ هذه اللحظة أي رحمة من الله.
66 - هـل خبـأت أموالك في مخـدعك لكي لا تتصدق منهـا علـى اليتيم والأرملة؟
سوف تُخَبَّأ أنت أيضاً في مساكن الجحيم ومخادع الموت، تلك التي أخبر عنها سليمان في الأمثال،
حتى لا يتراءف عليك العلي في ذلك المكان، لأنه بالكيل الذي كِلْت به قد كال لك.
أيضاً سوف تُهْلِك النارُ التي لا تُطفأ والـدودُ الذي لا يموت، كما هو مكتوب، نفسَك وبدنَكَ في الجحيم، وسوف تشيخ بسبب كل العذابات الموجودة في ذلك المكان إلى الأبد.
68 - هل نسيت الفقير وهو عريان، بينما تملك أنت ثياباً كثيرة مختلفة [...]؟
(إذاً) سوف تبصر نفسك عرياناً أمام كرسي حُكْم الرب يسوع، وسوف تُخْضَع لعذابات متنوعة، لأنه أمَرَ: "من له ثوبان فليعط واحداً لمن ليس له".
أما أنت فلم تملك ثوبَيْن فقط ولم تعط واحداً، أو كان عندك خبز وفعلت نفس الشيء، بل لديك الكثير أشكالاً وألواناً ومتراكم عندك فـوق بعضه البعض،
وغيره الكثير من الخيرات التي تهتم لها، وتنقلها من مكان لآخر، ولم تُرِد أن تتصدق بـأي منهـا علـى الفقير، ولا حتـى بـالخبز القديم أو بقايـاه المتعفنة، من أجل شر نفسك ونهم عينيك.
أيضاً لن يمـد الله، الذي أعطى هذه الوصية "ارحموا تُرْحَموا"، يده إليك بالخيرات التي في السموات، المعدة للذين يحبون كلمته ووصاياه.
69 - هـل صممت أذنيـك لكي لا تسمع الفقير، أو حولت عينيك لكي لا تتصدق عليه أو تحكـم لـه بالعدل؟
أيضا سَيَصُم الله أذنيه لكي لا يستمع لك وأنت تصرخ إليه أثناء حياتك على الأرض، كما هو مكتوب: "من يسد أذنيه لكي لا يسمع المسكين، سوف يصرخ الله فلا يستجيب له.
70 - أيهـا الغـني الظالم، هـل أكلـت لـحـوم شـعب الله الفقير، وسلخت جلودهم، وهـشمت عظامهم، ومزقتهم إرباً إرباً مثـل لـحـم للطاسات والقدور، كما (يشهد) الكتاب المقدس؟
(إذاً) ستلتهم النارُ التي لا تُطفأ نفسَك وجسدك في الجحيم، وسيكون جسدك إرباً إربـاً للـدود الذي لا يموت،
وسوف تصرخ إلى الله، كمـا هـو مكتوب، في نفس المكـان فـلا يستجيب لك، ويحـول وجهـه عنـك لكي لا يرحمك في ذلك اليوم
71 - هل التهمت لحوم شعب الله كوجبة خبـز؟
سوف ترتعد رعباً في المكان الذي لا يوجد فيه رعب، كما هو مكتوب [...] الفقير [...] كل [...] سَيُخْزِي الله وجهك وتصير كل مشورتك هزءاً لك.
72 - هـل احتقرت الفقير واستهزأت به وأغظته؟ أيضاً سيحتقرك الله ويستهزئ بك، وتتحول دموعك إلى خزي لك.
73 - هل قهرت عاملاً حتى لا تعطيه أجرته؟ أيضا سيوبخك الله بأن الكلمة [...] سيذهب هنـاك:
"لأن الـذي يُشَيِّد بيتـه بـالظلم وليس بالعدل، وعلاليه بغير حكم، الذي يستخدم صاحبه مجاناً ولا يعطيه أجرته".
إنك تتفاخر لأنك تسكن بيتاً جميلاً. ولديك [...] حرية [...] لأن عندك الكثير من المساكين عبيداً.
سوف تنظر الفقير المؤمن ساكناً في بيت غير مصنوع بيد، كما هو مكتوب [...] ويتكلم بدالة في ملكوت السموات، هذا الذي أقسم به لهم جـزاءً لـ [...] فيـه بكل ألم.
أما الفقير فيهرب مراراً من كورة إلى كورة، ومن مقاطعة إلى مقاطعة، ليهرب من تعذيباتك.
أما أنت فكيف ستهرب مـن الـرب في اليوم الذي سيدين فيه الذين يقهرون الفقراء؟ أم إلى أين ستهرب من الجحيم لكي تخلص من كل آلام جهنم؟
74 - مـاذا سنقول إذا مـات كـل واحـد منـا في آثامه ولم نتب، في اليـوم الـذي فيـه الـرب مـزمـع أن يحاكم البـار والأثيم،
ويحكم بين شاة وشاة، بين شاة سمينة وشاة مهزولة، وبين تيس وتيس، كما (يشهد) الكتاب المقدس؟
75 - في ذلك المكان وذلـك اليـوم سـوف يـخـزى أغنيـاء كثيرون خطـاة أمـام أغنيـاء كثيرين أتقياء، وحكـام كـثيرون خطـاة أمـام حكام كثيرين مؤمنين،
ويهـود كثيرون أشرار خطـاة ثابتون على عدم إيمانهم وتجـديفهم على الرب يسوع سيخزون أمام يهود كثيرين فضلاء، ومسيحيون كثيرون وهراطقة كثيرون،
وباختصار كل إنسان خاطئ، كل واحد حسب حالته ، سوف يخزى أمام كل إنسان بـار قـد مـارس البر، في اليوم الذي فيه الرب يسوع مزمع أن يدين كل المسكونة.
76 - لأنـه كـمـا أنـه مـكـتـوب "طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السموات"، كذلك أيـضـاً ويـل للأغنيـاء القـسـاة الـذين استوفوا نعيمهم، مثل نينيوي (NINEUY)،
وهـذا الـذي قال لنفسه: "لكِ خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة"، وكل الذين أكملوا عمرهم في خيراتهم وقد استوفوا راحتهم. عذابهم عبارة عن جـوع [...] وعطش [...] في ذلك اليوم.
77 - وكما أنه ويل للفقراء الخطاة، وأنهم سيكونون في شقاء في الجحيم،
كذلك أيـضـاً طـوبـي لـكـل الأغنياء المؤمنين الرحماء، كإبراهيم وإسحق ويعقوب وكل غني بار منذ القِدم، لأنهم سيرثون ملكوت الله معهم إلى الأبد.
78 - وكما أنه ويـل للملوك المرتدين الذين جحدوا الإيمان؛ لأنهم نسوا العـدل وكـل عـمـل يحبـه الله، مثـل يربعـام بـن نبـاط والملـوك الأوائل الذين زاغوا ،
وويل بالحري للملوك الأموريين وكل الوثنيين؛ لأنه سيكون لهم في ذلك اليـوم نـفـس هـذه الدينونة، هكذا أيضاً طوبى لكـل الملوك المؤمنين،
أمثال داود وسليمان وحزقيا وعزيـا وكل الملوك الأبرار والقديسين في كل أعمالهم؛ لأنه ستكون لهم نفس الكرامة التي لهم في ملكوت الله.
79 - وكما أنه ويـل للكهنة الخطاة في بيت الله، مثل أبناء عالي في ذلك الزمان: لأنه ستكون لهم نفس الدينونة التي لهم،
هكذا أيضاً طوبي بالأكثر للكهنة الأتقياء، أمثال هـارون وصموئيل وكل الكهنة المؤمنين الأوائل؛ لأنه ستكون لهم نفس تلك الكرامة التي لهم في ملكوت السموات.
80 - وكما أنه ويل لكل إنسان خاطئ، كل واحد حسب حالته، هكذا أيضا طوبي لكل إنسان بار، كل واحد حسب استحقاقه، لأنه سيكون لهم جميعاً المجد إلى الأبد في ملكوت الله.
81 - إن الله الـذي لا يأخـذ بـالوجوه، كمـا هـو مـكـتـوب، لن يرحم أحداً منا بسبب لقب أو زي، إذا نحن مُتنا في خطايانا،
سواء كان ملكاً، أو حاكماً، أو غنيًّا، أو كاهناً لله، أو راهباً، أو أي إنسان يُدْعَى مسيحيًّا بالباطل، وكـل مَـن هـو ذو منصب، ولكنه سيرحم الكل معاً، إن ابتعدنا عن خطايانا وعملنا الصالح.
82 - مـن سـيقدر أن يقنـع الـرب في ذلـك اليـوم لـكـي يـعـدل عـن المحاكمة العادلة التي سيديننا فيها، كما هو مكتوب؟
هم يعرفون الآن على الأرض قضاة منافقين ورشاوى حتى يعوجوا القضاء ضد الفقير والمسكين.
أما في ذلـك اليـوم فـكـمـا الـسيـد أمـام الـرب هكـذا العبـد الذي يرعى حصانه، وكما سيد العبيد هكذا العبيد، وكما الغني هكذا الفقير، وكما الحاكم هكذا المحكوم، وكما الكاهن هكذا الشعب.
وباختصار، فكل واحـد مـمـن سميناهم سيأخذ جـزاء عمله، خيراً كان أم شراً. وحسب (قول) الكتاب المقدس:
"فكـل مـن أعطـى كثيراً يُطْلَـب منـه كـثير. ومـن يودعونـه كثيراً يُطالبونـه بأكثر"، وقضاء الله سيكون عليه ثقيلاً جداً.
83 - [...] سيحكم عليهم مـن أجـل خطاياهم فقط. أما أصحاب الرتب (الكهنوتية) فسيحاكمهم هـم أيـضـاً مـن أجـل خطـايـاهـم،
وأيضاً من أجل كل أعمالهم التي أؤتمنوا عليها وأوكلت لهم [...] الله الذي أغرق فرعون وكـل حـشـوده في البحر الأحمر؛
لأنه عذَّب [...] لكـي يبنـوا لـه مـدنـاً تـحـت آلام كثيرة، وجعـل حـيـاتهم في ضيقات، ولم يعطهم أجرتهم.
وهـو أيضاً الذي سيُغْرِق كلَّ حاكم وغني ظالم في كل العذابات التي في الجحيم، وكـل مـن وافقهم، سواء كان كاتباً أو مشرف (عمال) أو قَيَّاساً للحقـول [...] عبـداً وخادماً،
الذين يوافقونهم في قهـر الفقراء، أولئك الذين يجبرونهم على العمل في الحقول والحدائق وأعمال أخرى شاقة مـن هـذا القبيل لا قدرة لهم أن يقوموا بها.
هذا غير السخرة، والخمر الفاسد الذي يجبرونهم (على شرائه) ويطالبونهم عنه بمقابل طائل، وكل عمل [...] وأن يبنوا (لهم) بيوتاً وحمامات،
ويجعلوهم يهرولون أمامهم في الطريق، ويبنون (لهم) سفناً ويجدفون بها، وغير ذلك من الأعمال التي يجبرونهم على أدائها بالضرب.
84 - لأن الله الـذي بارك يوسف، الـذي عـال إخوته في زمـن بـنـي إسرائيل في (وقت) المجاعة وأراحهم [...] وبصلاحه صنع الخير أيضاً لكل المصريين،
هو أيضاً سيبارك كل عظيم، وكل غني تقـي، وكل من يوافقهم ويشير عليهم بالخير، ويهتم بالفقراء في كل أمر، لكي يكونوا مشابهين للذي قال: "أب أنا للفقراء.
كنت عيوناً للعُمي [...] وأرجلاً للعُرج. أعنت اليتيم الذي لا معين له. فم الأرملة سبحني"
85 - الله الـذي أمـات نـاداب وأبيهـو عـنـد المـذبح وقتلهم في ذلك الزمان بسبب الخطايا التي اقترفوها، ولم يرحمهم من أجل موسى وهارون أبيهما، بالرغم من أنهما كانا مكرمين عنده،
هو أيضاً سيُميت في ذلـك اليـوم كـل مـن يـضـل عنـد المذبح في انحلال وعـدم إيمان، ولن يرحمهم من أجل لقب أو زي وهـم (منغمسون) في أعمالهم الشريرة،
لكي يصيروا مثل الخشب والحجارة، مثلما سيحكم عليهم الرب يسوع.
86 - الله الذي أسلم ابنيَّ عـالـي للفلسطينيين في ذلك الـزمـان مـن أجل خطاياهما التي اقترفاها في هيكل الله الذي في شيلوه، كيف أنهما زنيا بنساء لَسْن زوجاتهما، واحتقرا ذبيحـة الـرب،
هو أيضاً سيسلم - حسب كلمة الرب - الكهنة المخالفين والذين يخطئون في بيت الله للشيطان، لكـي يجـازيهم بالرجاسـات الـتي أسلمهم الله إليها، لأنهم أحبوها،
كما هو مكتوب: "أسلمهم الله في شهوات قلوبهم إلى النجاسة لإهانة أجسادهم بين ذواتهم". أما في ذلك اليـوم فسوف يسلمهم للشيطان وكل ضيق في الجحيم،
تلك التي أشـر مـن كل عدو، ولن يرحمهم من أجل لقب أو زي، كما هو مكتوب: "ما لحبيبتي في بيتي قد عملت فظائع كثيرة؟"
87 - الله الذي بارك في ذلك الزمان الكهنة الذين اتقوه، وخلصهم مـن كـل ضيق، هو أيضاً سيبارك في ذلـك اليـوم الكهنـة المؤمنين الذين يحفظون كلامه، وسيدخلهم ملكوت السموات،
و[...] لكي لا يدانوا معهم، لأنه لن يتبرر قدامه أي بشر. ليس لمجرد أننا نحمل اللقب والزي نحن أبرار قدام الله، لكن إن صرنا بلا خطية، عندها سنكون أبراراً قدام الله.
فليس مـن أجـل لـقـب أو زي قد ثَبَّتَ الـرب عهده مع البطاركة إبراهيم وإسحق ويعقوب، بل من أجل طهارتهم وبـرهم، مثلمـا قـال لإبراهيم: "أنـت مـرضـي أمـامـي وبـلا خـطيـة، وسأقطع عهدي معك".
كذلك لم يُشْهَد لهابيل أنه بار من أجل لقب أو زي، بـل مـن أجل قرابينه. ولم يُخْتَطَف أخنوخ مـن أجـل لـقـب أو زي، بل لأنه شُهِدَ له أنه قد أرضى الله.
وليس من أجل لقب أو زي قال الله لنوح: "إياك وحدك رأيتُ باراً لديَّ"، بل مـن أجـل بـره. وكل الصديقين صاروا مكرمين عند الله بسبب برهم وليس بسبب لقب،
لكي لا نجد كلمة (حجة) لندَّعي أن إبراهيم قـد صـار خليلاً لله بسبب لقب أو زي، لكن كل الأبرار قـد صـاروا أحباءَ وأخِـلَّاءَ لله [فقط من أجل برهم.
فليس شيءٌ مما صاروا بواسطته أخِلَّاءَ لله قد انمحى الآن.
88 - لكن قد غلبتنا شهوات قلوبنا الشريرة، لكي لا تجعلنا نتبع مثال القديسين في إضـافتهم للغربـاء وكـل أعمـال بـرهم، ونتبرر ونتطهر من كل ظلم وكل شر،
لكي نصير مستحقين للحياة معهم في ذلـك اليـوم، إذا ما انعتقنـا مـن ديـنـونتهم، كمـا يقـول الكتاب: "القديسون سيدينون العالم".
89 - الرجاء المنظور ليس رجـاءً، أي أن اللقب والزي، أو الذهب والفضة، وكل افتخارات العالم الأخرى التي يتكلون عليها ليست رجاءً.
لأن الرجاء الباطل هو اللقب والزي الذي يتكل عليهما كل عظيم، وكذلك كل الذين يملكون سلطاناً، في حين لا يملكون قضاءً عادلاً، ولا رحمةً، ولا أي عمـل بـار.
الذين يحفظون القضاء ويفعلون دائماً البر، كما هو مكتوب، هؤلاء هم الذين سيتبررون.
90 - فالرب لن يقول في ذلك اليوم: "تعالوا، يا مباركي أبي، رثوا المُلْك المُعَد لكم منذ إنشاء العالم"، لأننا أصحاب لقب وزي وغِنى، ولم نفعل البر،
لكنه سيقول للمستحقين: "تعالوا، يا مباركي أبـي، رثوا المُلْك المعـد لـكـم منـذ إنشاء العالم، وفوق ذلـك خـذوا الحيـاة الأبدية.
لأني كنـت جـوعـانَ فـأطعمتموني، وعطشانَ فسقيتموني، وعلاوة على ذلك كل عمل صالح أوصيتكم به".
كذلك لـن يـقـول الـرب في ذلـك اليـوم للعُصاة والناسين الوصايا: "اذهبـوا عـني، يا ملاعين، إلى النار الأبدية"، لأنهم ليسوا من أصحاب الألقاب والزي والغِنى،
بل سيقول لهم: "اذهبوا عني، يا ملاعين، إلى النار الأبدية، لأني جعت فلم تطعموني، عطشت فلم تسقوني. أين لم تفعلوا الشر أمامي؟ لم أر منكم رحمة أو أي عمل صالح آخر قد صنعتموه"
91 - لماذا سيدعو يسوعُ الرحومُ الذين عن يمينه "مباركين" والذين عـن شمالـه "ملاعين"؟
مـا هـو الـصـلاح الـذي فعلـه الأبـرار في ذلك المكان؟
أ لعلهم قد صنعوا الرحمة وتمموا كل عمل صالح في ذلك المكـان؟
أ لم يطـوبهم بالتأكيـد مـن أجـل أعمالهم الصالحة التي سبقوا وصـنعوها (علـى الأرض)؟
مـن أجـل نـقـاوة أجـسـادهم، وأحكامهم العادلة، وصدقاتهم، وكافة أعمالهم البارة الأخرى التي صنعوها، قد دعاهم "مباركين"، بركة فوق بركة.
92 - لكن ما هو الشر الذي استطاع هؤلاء الآخرون أن يصنعوه في ذلك المكان حتى إنهم يُدْعَوْنَ على الفور "ملاعين"؟
هل زنـوا أو ظلمـوا أحـداً هنـاك؟
(كـلا) بـل إن الملاعين منـذ البـدء بسبب خطايـاهـم وأوساخهم وأدناسهم وظُلمهـم الـذي صـنعوه قـد سـمَّـاهـم (الـرب) "الملاعين"، لعنة فوق لعنة.
93 - لأنه لو صار الإنسان متشبها بالملائكة في الطهارة وكـل أمـر صالح سيفعله طوال الوقت الذي سيحياه، سيصير شبيهاً بالملائكة في ملكوت السموات، من سلوك الملائكة حتى استحقاق الملائكة.
كذلك لو اتحـد الإنسان مع الشيطان بواسطة الدنس وكل خطيـة سيقترفها على الأرض، سيصير شبيهاً بالشيطان في الجحيم، من أدناس الشيطان حتى اللعنة معه.
94 - فـلـو آمـن الفقيرُ الآن، وازدرى به الأغنياءُ باستهزاء، فسوف يأخذ في ذلك اليـوم مجداً عوض الهزء.
كذلك لو فعل الغَنيُّ الظلمَ على الأرض، وكرَّمه الكثيرون، فسوف ينـال عـوض الكرامـة من هزءاً.
والذين صاروا أبراراً بأعمالهم الصالحة، ومُكَرَّمين من الناس من أجل برهم، سينالون مجداً من الرب في ذلك اليوم.
95 - هـل صـنع الفقيرُ الآن الخطيةَ وازدُرِيَ بـه بسبب خطاياه؟
إذاً سينال هو (أيضاً) احتقاراً من الله. هل اقترف كاهن أو راهـب إثماً؟ حتى لو كانوا يُمَجَّدون الآن من الناس، فسوف ينالون في ذلك اليـوم من الله احتقـاراً فـوق احتقـار.
هـل دنـس المتزوج مضجعه وخالف الوصايا التي يجب عليه اتباعها؟
إذاً فسوف ينال لعنة من الله في ذلك اليوم، أما لو كان قد حفظ مضجعه طاهرا والوصايا التي يجب عليه اتباعها، فسوف ينـال بـركـة مـن الله.
وباختصار، كـل مسيحي سيصير حقلاً لله، ويعطي ثمراً في كل عمل صالح، سوف يشبع من غنى أعمالـه البـارة.
كذلك أيضاً كـل هـرطـوقـي عـديم التقـوى قـد صار الآن حقلاً للشيطان في كل خطية للتعدي، سوف يشبع في ذلك اليوم من التوبيخ وغضب الله على كفره.
96 - يوجـد هـنـا كـثيرون مكرمـون ومبـاركون، في حين هـم يستحقون المهانة واللعنة، وملعونـون يستحقون الكرامة والبركة.
بعض (الناس) يرفلون في الراحة، في حين هـم يستحقون كل ألم. والبعض مبتهجون، في حين هم يستحقون البكاء.
وآخرون يبكون وهم يستحقون السعادة. أما في ذلك المكان فسوف تحل خطيـة كـل واحد وخزيه ولعنته وعاره وكل عقاب (يستحقه) على رأسه.
كذلك سيحل بر كل واحد وكرامته ومجده وبهجته وبركته وكل راحة (يستحقها) على رأسه، في اليوم الذي سينال كلٌّ مِنَّا مـن الـرب جـزاء ما صنع، خيراً كان أم شراً.
97 - ويل لأولئك الذين سيتحول فرحهم في ذلك اليـوم إلى نواح ، أولئك الذين سيمزق (الـربُّ) ثوب ابتهاجهم، ويمنطقهم بالمسوح، ويُلْبسهم نواحاً وعويلاً.
طوبى لأولئك الذين سيتحول حزنهم إلى فرح لهم، ويمزق الـرب مسوحهم ويمنطقهم بالفرح.
في ذلك اليـوم سيزول الافتخـار والـزي وكـل الخيلاء التي يتكل عليهـا الغَـني الظالم أو الكاهن الدنس في بيت الله.
فالزي والعُجْب اللذان يستقوون بهما لن يقدرا أن يخلصاهم. لأنه ليس كل من يقول: "يا رب، يا رب" سيدخل ملكوت السموات.
98 - كيف لن تصيروا الآن مساكين، أنت أيها الغني وأنت أيها الفقير، أنتم الذين ستموتون في خطاياكم؟
أ ليس بالفعل بؤساً أن يصير الفقير (الخاطئ) مـن فـقـر (الـدنيا) إلى فقـر (في الآخـرة)، ومـن جـوع إلى جـوع، ومـن عـري إلى عـري، ومـن عـوز إلى عـوز، ومـن كل ألم إلى آلام أفدح؟
أ ليس أشد بؤساً أن يتحول الغَـنـي مـن الغِنَى إلى الفقر، ومن كل راحة إلى عذابات شديدة وآلام قاسية؟
99 - الغني الذي يسكن بيوتاً رائعة، تضيء من الزينة، بعضها في المدن والبعض الآخـر في الريف، سيصير في عـذاب في الجحيم مـن أجل ظلمه وقساوته.
الويل إن كان مجـد الـغَـني بهذا الشكل، لأن هذا ما سيؤول إليـه حسب الكتاب المقدس. أ
نـا لـن أكـف عـن التنهد من أجلك أيها الغني الذي يملك العديد من الثياب المختلفة، بعضها للصيف والأخـرى للشتاء.
سيصير هو أيضا عرياناً في وسط الصقيع الكثير، المكان الذي قال عنه الرب: "حيث يكون البكاء وصـرير الأسـنان".
الغـنـي الـذي يملـك الآن علـى الأرض بيوتاً كثيرة متنوعة، بعضها يرطب في الصيف وبعضها يدفئ في الشتاء، سوف تجده أيضا يُعَذَّبُ مـن قبـل اللـه بنـار وصقيع،
لأنه لم يتخذه معيناً، لكنه اتكل على كثرة غناه. الغني المحاط الآن بكثيرين يخدمونه على الأرض سيصير أيضاً في أماكن لا يفتقده فيها (الرب) الأبدي،
ويكون متروكاً ومعتازاً لكل معونة، لأنه لم يؤمن بالله ولم يخـشـه فيحفظ ناموسـه.
الغـنـي الـذي يـضطجع، كما هو مكتوب، على أَسِرَّةٍ من العاج، ويتنعم على حُصْرٍ كثيرة بأنواع مختلفة في وسط وسائد ومخدات،
سوف ينتشر تحته السوس ويُغَطَّى بالدود في الجحيم مع الشيطان الذي شجعه ألا يؤمن بالله الذي خلقه.
هذا الذي وجدته في معبد (مدينة) أتريبه يسجد للشيطان ويهـرق لـه (القرابين)، وقد نثر في ذلك المكان وروداً وأغصان الخوخ وفروع من ورق الكروم وأعشاب عطرية،
في حين كنا نحـرق معبد الأوثان هذا وكلَّ شيء كان موجوداً بداخله بالنار.
أمـا هـذه (الأمور) فأنا حقًّا لا أحدثكم بها سرًّا، بل أريد بالفعل أن مـن كـان منكم على علاقة به أن يخبره أنني كثيراً مـا أصـبُ عليـه لـعنـات عديدة وأقوال كثيرة من حنـق غضب الله يسوع،
هـذا الـذي بصق (جيسيوس الوثني) ذلك النجس عليه لما [...] ونصحته أن يؤمن به، وقال، مجدفاً، إن القوات التي صنعها يسوع رب الكل قد صنعها أيضاً أبولونيوس مـن (مدينة) تيانـا وأفلاطون.
أمـا إذا فَضَّلْتُم ألا تقـولـوا لـه هـذا، كما أجبتم وأنتم غاضبين على ذلك الآثم: "حاشا أن تكون لنا شركة مع ذلك الخاطئ بكلمـة واحـدة مـن هـذا النـوع حتـى لا نصير حمقى مثله"،
فأنتم الذين تعلمون (بالأمر). سيكملكم الرب في كل إيمان صالح وبكل طريقة.
ولكن لكي لا ننقطع عن (مواصلة) الحديث أو نخـرج عـن (سياقه) سـوف أواصـل الحـديـث عـن كـل العـذابات والآلام، التي سبق وذكرناها، والتي ستصيب الأغنياء.
101 - الغني العديم الرحمة الذي يرفل في النعيم والترف من حيث الـشـبـع مـن الخبـز وأصناف الأطعمـة الكثيرة المتنوعـة والخمـور المختلفة، سيعتاز عاجلاً للطعام والماء دفعة واحدة،
وكـل مـا أُعْتِيـدَ أن يؤكـل أو يُشْرَب، غير أنه سينظر الفقـراء المـؤمنين والأغنيـاء الأبرار في ملكوت السموات، صائرين له دينونة إلى الأبد.
102 - أنت، يا من يعتقد في نفسه أن له قدرة جبارة أن يَتَسَيَّد على عبيد كثيرين وجمـوع مـن الفقراء المساكين،
كيـف خـُرْتَ كلك ووهنت بأن سقطت تحت سلطان النار والدود وكل الضيقات التي في الجحيم؟
أنت، يا من يجلد عبيداً كثيرين وجمعاً غفيراً من الفقراء، كيف أصبحت في عذابات كثيرة في الجحيم في جوع وظمأ؟
103 - من يقيد عبيداً كثيرين، ويكبل جمعاً غفيراً من الفقراء، قد قُيِّدَ هو أيضاً في يديه ورجليه ليُلْقَى، كما هو مكتوب، حيث يكون البكاء وصرير الأسنان".
104 - مَـن لا يستطيع) أن يقـرر مـاذا يأكـل ومـاذا يـتـرك مـن الأطعمة الموضـوعة، ومشغول بسبب خـداع نفسه أي الخمـر جيـد ليحتسي منه، من الخمر المصري،
سيُعَذَّب أيضاً بواسطة ملاك الغضب في جوع وعطش إلى الأبد، وليس لأيام أو سنين أو شهور.
105 - مَن يمارس الرياضة ليجوع، ومن يمعن التفكير ويجـرب مـا الذي يرضـي قلبـه الـنهم، ومن يريد ، بسبب النهم، أن يتقيـا مـرات كثيرة ما أكله ليأكل ثانية،
ومن تكثر مطابخـه التي تخدمه، وسـقاته، ومطـربـوه، وراقصاته ، و - كمـا هـو مـكـتـوب – يمـازح طيور السماء، ويقضي وقته مع الحيوانات،
سواء كانت في البرية أو كلابه الغريبة (السلالة)، والذي تُدَلَّك رجليـه لتسترخيان حتـى ينعس، والذي لا يُسْمَح بالكلام حول مخدعه لئلا يستيقظ رغماً والذي يضمخ نفسه بالزيوت الغالية،
والذي يُحَمِّيـه الخـدم في الحمَّامات، والذي توضع تحت ملابسه عطور كريمة باهظة الثمن، والـذي يُلْبِسُه الخـدمُ ملابسه، ويضعون الحذاء في قدميه،
والذي ينتظر الكثيرون كلمة منه، مستعدين لتنفيذ كـل مـا يأمرهم به، وكلهم في خدمته، بما في ذلك (تقديم) المتعة الجسدية، أو التخنث ، أو الاضطجاع مع الرجال في خلاعة واسترخاء،
والمـوت مـن أجـلـه في يوم بليته، والذي يُزْرَع لبيته وكل منازله النخيل، ويزينون الشوارع وينتظرونـه لـكـي ينتقـل مـن مكـان لآخـر،
بينمـا يـهـرول أمامـه مساكين كثيرون يصرخون ويهتفون له بأفواههم، وقد تفوقوا عليه في كل خطية بواسطة الشيطان،
والذي يجلس في العربات ، ويُسْحَب في الشوارع، وتُعْزَف أمامـه الأنغام الموسيقية بالنايـات وغيرهـا مـن الآلات الموسيقية،
والذي يشتهي أن يبسط يديه ليأخذ من كثيرين يحملون أو يحضرون له الهدايا الكثيرة، ومع هذا لا يريد أن يعطي شيئاً مما يملك،
والذي يطيعه جمع غفير ويصنعون مـا يريده، في حين هو يقول: "إنهم لا يستحقون كل هذا (النعيم) "،
والذي يعرف أن يعطـي إكراميـات كثيرة ، ذهبـاً وفـضة وخمـراً وحنطـة وبقـراً وأشياء أخـرى مـن هـذا القبيل، لأصحاب السلطان الأقـوى مـنـه ، تملقاً ،
في حين لا يعرف أن يمد يده في رحمة للفقير واليتيم والأرملة بشيء مما يريدون،
بل هو على استعداد أن يؤذيهم ويقهرهم أكثر بأن يطالبهم، إذا دعت الحاجة، بما لا طاقة لهم على بذله،
لكي يسترد من الفقراء البائسين أضعاف ما أعطاه لهذا ، ليصبح صديقاً له عن طريق الهدايا ،
ولكي يسمح له أيضاً بهذه (الأشياء)؛ لأنه قدم له هدايا، وأيضاً لكي يُسْمَح له بأن يفعل الظلم كل أيام حياته ،
والذي بسبب غطرسته يريد أن ينفـق كـل مـالـه لكي ينتصر علـى أعدائه الذين يقاومونه والذين هـم أعتى منه في كل (أنواع) الغش الظالم،
والذي بسبب الهدايا هـو صـديق لحاشية الملك، ولكنه بسبب التعدي عدو لأنبياء الله ورسله، ولا يسمح لملاك أن يخلصه من الشيطان،
والذي يبغض كـل مـن يظلمه بشيء، في حين هو نفسه يحب أن يظلم كثيرين في كل شيء، والذي لا يرغب في أن يسبب أحد له ألَماً،
في حين هو يسبب الألم لكثيرين من الفقراء، ويُغْضِب الله بأعماله الظالمة، والذي يَتَرَبَّـح مـن مثـل هـذه الوظيفة وقد أصبح مكشوفاً في انعدام أحاسيسه [...]
الـشـريـر الـذي لـن نـستطيع أن نقول: كيف أُغْلِق عليكَ كلُّ شيءٍ دفعةً واحدةً بواسطة الله؟
106 - ألست أنـت الـذي اعتـاد أن ينـادي خادمـاً واحـداً فيجيـب الكثيرون بسبب ثورة غضبك؟
فكيف تصرخ الآن في هـلاك روحك، في حين لا يوجـد مـلاك ولا نبي واحـد أو رسـول يَسْمَعك؟
أ لست أنت الذي اعتاد الجميعُ أن يسجدوا أمامك، صارخين ومتوسلين إليك أن - ترحمهم من ظلمك الكثير؟
أمـا أنـت فـلا تسمع لهم؛ لأنهـم فـقـراء، وبالنسبة لك مُحْتَقَرون، لأنك تملك ذهباً وفضة.
تَلَقَّ الآن (عقابك) حسب أعمالـك الـشـريرة – قـال مـلاك الـرب الـذي سـوف يعنفـك بغضب، ولن يجعلك تفتح فمك لتتوسل في جهنم قائلاً: "ارحمني"؛ لأنك لم ترحم لكي تُرْحَم.
وليس هذا هو المكان (المناسب) لكي تنادي اسم الرب. لأنك لو كنت اهتممت أن تنجـو مـن تلك الظلمة، لكنت انتبهت للكلمات المكتوبة "في الهاوية مَن يحمدك؟"
107 - ألست أنـت مـن اعتاد أن يُجْبِر الفقراء على إحضار اللحـم واللبن لكلابه؟
أ لست أنت من اعتاد أن يجلد الصياد ، الذي يشهد الكثيرون على فقره ويعتاز للخبز والملبس، لكي يُحْضِر لك السمك مجاناً؟
وإن لم يعجبك (السمك) أو لم يكن جيداً في عينيك زدت في ضرب (هذا) المسكين بلا رحمة.
أ لست أنـت مـن اعتاد أن يطعم كلابه خبزاً ولحماً حتى تشبع أو تتمزق (من التخمة)،
في حين يعتـاز الفقراء في زمـن المجاعـة للخبز والكساء، ولا يكونون مستحقين عندك أن تهتم بهم؟
108 - أ لم تكرم الحيوانات غير العاقلـة أكثـر مـن البـشـر، وكثيراً ما كنت تُفَضِّل أن تبقى الكلاب الصغيرة غريبة السلالة معك في الفراش،
لكي تمضي الوقت معهم، على أن تتراءف على الفقـراء الـذين يحبهم الله؟
هـؤلاء الذين ينصت لصلاتهم وصـوتهم وطلبتهم، كمـا هـو مكتوب: "هـذا هـو المسكين الذي استمعه الرب، ومن كل ضيقاته خلصه".
109 - تلقَّ الآن (العقاب) حسب خطاياك - قـال مـلاك الـرب الـذي سيصنع بـك في ذلـك اليـوم كـأمر الله الـذي سيجلب عليـك كـل ضيق، تعويضاً للفقير الـذي ضايقته.
110 - فكثيراً مـا أبـعـدت فكـرهـم عـن الله بسبب تشغيلك (لهم) وكثرة إيذائك، حتى إنـك تجعلهم يبيتـون في تنهـد، وقد امتزجـت دمـوعهم بصلاتهم بسبب ظلمـك.
111 - وبسبب عِـظَـم حـنـق غـضـبك صـارت مشاغلك عنـد المساكين صلاة مكررة نهاراً وليلاً بدلاً من المزامير،
وصار كثير من العبيد ورهـط مـن الفقراء الضعاف القلوب يخشونك أكثـر مـن الله الذي خلقهم، بسبب ثقل أعمالك التي تُثْقِل كاهلهم، والتي هـي كتلك التي لفرعون في ذلك الزمان.
112 - لقد تخلوا عن أصوامهم، وصار لهم همًّا أن يُبَكِّروا إلى أبواب بيتك أفضل من أن يُبَكِّروا إلى الكنيسة.
113 - وعلاوة على هذا فإنك تتجاهلهم وتطردهم مـن عنـد بابـك، فلا تجيبهم ولا تـرحمهم. انتظـروا أوامـرك لكـي ينفذوها بسرعة أكثر من وصايا الحياة التي أمرهم بها الله.
114 - لقد تعلموا لديك أن يتحاملوا على أنفسهم وهم واقفـون عنـدك لا تدعهم يحنون ركبهم أو يجلسون،
أفضل من أن يقفوا أمام الله ليتوسلوا إليه أن يدبرهم في حياة الفقر، وأن يغفر لهم أيضاً خطايا جهلهم.
115 - زاد فكـر قلـوبهم في فوائـد (القـروض) الـتـي تـُضَاعِفها عليهم وكـل الغرامات التي تبتليهم بها، أكثر من التفكير والاهتمام بأن يمزق الرب صك ما عليهم وما علـى كـل واحـد.
116 - لقد تحدثوا في بيتهم عن ظلمك أكثر مما تحدثوا عـن عظائم الله. لقـد تنـهـدوا بسببك أكثر مما أدركوا عظائم الله. لم تهتم لأي عمل صالح لعلك تهرب من دينونة الله.
117 - من سيقدر أن يُجْبِر كلمة الله ألا يقـول علانية: "كما أن مـن يقتل إنساناً يُقْتَل عوضاً عنه، حسب ناموس الله، كذلك أيضاً الغني الذي يظلم الفقراء سيُعَاقَب بواسطة الله"؟
وكما يقـول الله الآب في (سفر) إشعياء عـن الابن الوحيـد: "سـأوكل أمـر دفنـه لشريرٍ، ولغـنـيٍّ مكـان مـوتـه"،
هكذا سيدين اللهُ في ذلـك اليـوم الأغنياء الأشرار المُتَعَدِّين علـى الناموس، تعويضاً للفقـراء الـذين ظلموهم على الأرض.
118 - وكما سيعاقَب الذين صلبوا الرب، وحين جاع لم يعطوه ليأكل أو يشرب، بل أمعنوا في إيذائـه بـأن سقوه في عطشه خـلاً، كما هو مكتوب: "في عطـشـي سـقوني خـلا"،
هكذا سيعاقِب الربُّ كلَّ غني قاس وظالم على الأرض الآن. وفي حين كان يجـب عليهم أن يطعموهم ويكسوهم أمعنوا في إيذائهم.
119 - وكما أن الرب، وهـو غـنـي افتقـر مـن أجلنـا، مَلَكَ بعـد الفقـر كـغـني ، وهـو منـذ الأزل غـني ومخلِّص، مـن قبـل أن يُعِـدّ السموات ويؤسس الأرض،
ومن قبل أن يخلق ملائكته يقول: "هو ذا الرب الإله آت علانية، وذراعـه آتيـة بقـوة وسيادة"، وأيضا: "لا تخافي، يا ابنة صهيون.
هو ذا ملكك يأتي إليك وديعا"، هكذا سيملك الفقير البار في ذلك اليوم في الحياة الأبدية من بعد فقره.
120 - ولكـن كمـا يقـول ويأمر ناموس الله بأن يُعْطَـى يـد بيـد، وعـيـن بعـين، وسـن بـسن،
هكذا سيكون (الحـال) في يـوم الدينونة. سيعاقب الرب الفقراء الخطاة الذين ظلموا جارهم وقهروه أو استكانوا للغـني الظالم.
وكما أن الراعـي لـن يـرحـم الأسـد أو الذئب الذي يمزق الخراف، هكذا الرب والراعي الحقيقي يسوع لـن يرحم الغني الذي يظلم الفقير،
كما قال بالنبي: "هأنذا أحكم بين الشاة السمينة – أي الغني الظالم -، والشاة المهزولة – أي الفقير المؤمن".
ويقول أيضا: "سأحكم بين شاة وشاة"، أي بين الفقراء وبعضهم، وبين الأغنياء المتساوين مع بعضهم البعض في الغني، كل واحد منهم من الذين يظلمون بعضهم البعض على الأرض.
121 - لأنـه عنـدمـا يمـوت كـبـش أو تيس أو شـاة قـويـة أو شـاة ضعيفة، أو تمزقها الوحوش، لا يسمح الراعي أن تُحْمَل إلى وسـط القطيع،
بل يجـرهـا بعيـداً ويعطيهـا للوحوش لتكـون لـهـم طعاماً. هكذا أيضاً الحاكم الآثم، والغني القاسي الذي يُحْزِن الفقراء،
وكـاهـن الـرب الذي ينجس جسده ويتدنس بكل خطية، والراهب الذي ينجس هيكل الله بخطايا بشعة، والفقير فاعل الشر،
وكل واحـد مِـنـَّا لـن يتخلى عن خطاياه ويتوب سريعاً، لـن يـرحمهم الـرب يسوع الراعي الصالح، ولن يحضرهم وسط القطيع،
وسيعزلهم من وسـط الأبرار، ويطرحهم حيـث الظلمـة وصـرير الأسنان، لكـي يصيروا تحت حكم الدود والنار في جوع وعطش وكل ضيق.
122- لأن الله الآن عَجِيب؛ لأنـه فـي طـول أنـاتـه يحتمـل الكهنـة والرهبان الذين ينجسون أنفسهم ويزنون على الأرض،
في حين هـم(يحملون) اللقب المكرم ويرتدون الزي الرهباني، وكذلك أيضاً (يحتمل) الظالمين وكل من يبتهج بأعمالهم الشريرة.
عجيب هـو الله أيضاً في يوم الغضب، عندما ينتقم من أمثال هؤلاء الذين سيموتون في خطاياهم، ولا سيما مـن اليهـود الـذين يجـدفون عليـه وكـل الهراطقة الذين لم يعرفوه.
123- ولكني لا أقـول ذلك ازدراءً بالوجهـاء والموظفين، بل إنـي أحترمهم جداًّ؛ لأنه ليس سلطان إلا من الله، كما هو مكتوب فما أحسن المنصب إذا كان مرتبطاً بالأعمال (الصالحة).
أمـا مَـن يزدري بـه (بالمنصب) فـهـو مَـن يفتخر بنفـسـه بـسببه دون أن يقـوم بالأعمال (الواجبة عليه).
لأنه كما أنه مكتوب: "الإيمان باطل أو ميت في ذاته إن لم يكن له أعمال"، هكذا أيضاً المناصب باطلة أو ميتة في ذاتهـا إن لم يكـن لـهـا أعمـال بـارة وأحكام عادلـة.
إنهـا لأُمْنِيَة باطلة أن تشتهي المنصب مـن أجـل مجـد الناس، وليس لكي تعمل أعمالاً صالحة تمجد الله، فالذي قال: "إن ابتغى أحد الأسقفية، فيشتهي عملاً صالحاً"
هـو أيـضـاً الـذي قال: "يجب أن يكـون الأسقف غير ملوم من أحد كوكيل الله، غير متكبر، ولا غضوب، ولا سكير، ولا ضراب، ولا مخاصم، ولا محـب للمال، ولا طامع بالربح القبيح،
124 - لذلك من يَتَنَصَّل من هذه الأحكام أو يتعداها فهذا هو الذي يقول عنه النبي: "الرئيس النجس ينجس نفسه وحده، ويزدري باللقب والزي الـذي عليـه ازدراءً لنفسه فقط"،
لأن اللقب المقدس للمناصب الكهنوتية هو هو نفسه ولا يتغير، فضلاً عن ذلك اعلموا هذا : ليس فقط الذي له مركزُ حاكمٍ أو أي مركز آخر أو منصب كهنوتي في بيت الله،
بل (حتى) لو كان ملكاً، هذا السلطان الذي يسمو عليهم جميعاً ويتسلط علـى كـل الأرض، ولا يجـد رحمـة أمـام الله في يـوم افتقاده، فهو بائس ونكرة طوال أيامه التي عاشها في سلطانه.
125- أما السلطان الـذي يـسـمـو علـى كـل سـلطـان هـو أن يصلي الإنسان ليصير بلا خطيـة وطاهراً في قلبه، لكي يعاين الله، ويجـد رحمة أمام الله في يوم الدينونة.
أما الفقـر الـذي ينحط عن أي فقـر وكل عبودية فهو ألا يجد الإنسان رحمـة أمـام الـرب في ذلك اليـوم.
كان خيراً لمثل هؤلاء لو لم يولدوا؛ لأنـه مـن أجـل هـذا يقول الكتاب (المقدس): " في الباطل أتي وفي الباطل يذهب واسمه يُغَطَّى بالظلام"
لأنـه يـقـول في موضع آخر، مشجعاً مـن سـيعمل الخير، إن أعماله ستتبعه مثلما تتبع المناجل الحاصـد: "قوة البقر تظهر حيث كثرة الغلة".
أما هذا فقال: "ظاهرة هي قوة المدينة التي تحفظ وصايا الرب، وقوة الجماعة التي تحيا في طهارة،
ونفس الغني البار القوية، وقوة كل واحد يخاف الرب ظاهرة في كل هؤلاء،
إذا كانت أعمال تقواهم عديدة في أحكام عادلة، في رحمة، وشفقة، وسلام، ومحبة، وطول أناة، وصلاة، وصوم، وإيمان، وكل عمل بار".
126 - لنَعُد إلى ما كنَّا نقوله عن الغني عديم الرحمة، الذي شُبِّهَ بالبهائم عديمة الفهـم ومَاثَلَهم؛
لأنـه بـلا مـشاعر، ويتعب نفسه بـلا طائل، في حين أنه لا يبقـى شـيءٌ (مـن ذلـك) في يديه.
لأن الزناة والمخنثين ومضاجعي الذكور والمغنين والراقصين والمشتكين وكل إنسان نجس، رجـلاً كـان أو امـرأة، مـن الـذين لذلك الكافر،
يأكلون ويشربون ويتزايدون في كل هذه (الأشياء) التي جمعها هو بواسطة النهب والظلم، دينونة له ولعنة أبدية.
127 - ليتنا نعرف ، نحن الجلوس ههنا معاً، أنه يليق بنا أن نَنْأى بأنفسنا عن كل دنس وكل خطية حتى لا يصير تعبنا باطلاً،
دعونا لا نعطي العدو مكاناً حتى لا يُفْسِد الخيرَ الذي فينا بواسطة كل شـروره، بـل لـيـت الـذين استطاعوا حقاً أن يقبلوا الآلام كـجنـود صالحين للمسيح أن يحفظوا ألمهم.
128- أتوسل إليكم، يا إخوتي. هـذا هـو الغِنَى الأعظم الذي لـن يُنْزَع مـن أحـد مـن الـذين جمعوه في الخزائن التي في السموات.
كيف سيُنْزَع منهم هذا الغِنَى ولا يتبعهم مطلقاً، كما اعتادوا أن يفعلوا على الأرض، ويتركونه لآخرين؟ لكنهم سيجدونه مكنوزاً لهم حيث لا يفسده سوس ولا عث ولا صدأ، كما هو مكتوب.
129- أ لا يوجـد الآن فقير يريد أن يبتاع حَـمَـلاً أو حيوانـاً أخـر أرخص – وليس بقـرة – ولا يجـد ثمنـه؟ أ لا يصرخ أغلبكم (الآن) قائلين: "نعم، بالفعل"؛ لأنهم أدرى النـاس بفقـرهم؟
130 - وأنتم أيهـا الأغنياء الجالسين ههنا، أ لا ترون دموع الفقراء تسيل على وجناتهم؟
ها إنكم تبكون من (فرط) تأثركم. أنتم ترونني أنا أيضاً، كيـف أنـنـي حـزيـن القلـب (مـن أجـلـهم).
والآن، اعتنـوا بـهـم في محبتكم للبشر، واهتمـوا بـهـم (احملـوا هـمـهـم) في كـل بـر وحُـكْـم عـادل،
واحفظوا أنفسكم أن تظلمـوهـم كـمـن يحـفـظ حدقة عينه، لكي تُطَـوِبكم الكلمـة المكتوبـة: "طـوبـي للـذي ينظـر إلى الفقـير والمسكين، في يوم الشر ينجيه الرب".
131 - لأنه ليس ذهب ولا فضة ولا مال ولا أشياء أخرى فانيـة هـي التي علينا أن نكسبها
حتى نجد رحمـة أمـام الـرب - وسوف نجـد عُذْراً أننـا لـم نـقـدر أن نجـدهـا – ولكـن الغِنَى في الأصـوام، والصلوات، والأحكام العادلة،
والطهارة، والبشاشة، في التواضع والرحمة، وكذلك في التنازل عـن ديـون الفقـراء الذين لا قدرة لهم علـى سـدادها،
وفي كـل أمـر مـن هـذا النـوع سيقدر الإنسان (بواسطته) أن يكنز لنفسه غِنىً فريداً باقياً، يبقى فيه إلى الأبد.
132- لقـد شـَيَّـدَ الكثيرون بيوتاً بديعـة، وفلَّـح كثيرون حقـولاً وكروماً، وجمـع كـثيرون إلى مخازنهم الحنطة والخمـر وخيرات أخرى عديدة.
كثيرون جمعوا ثروات طائلة، وكثيرون ملأوا خزائن الملابس بالثياب وكل (نوع) من الملابس الكتانية.
كثيرون ذبحـوا بقرهم وكل بهائم بيتهم. كثيرون [...] بقراً كثيراً وجمالاً وخيـولاً وخرافاً وأملاكاً كثيرة من كل نوع وكـل مـا اشـتهوه على الأرض،
ثم مضوا وتركوها كلها مكدسة وهم يولولون عليها؛ لأنه منذ تلك اللحظة لا يمكن العودة إليها.
133 - لأنه كما أن الإنسان ينقل أمواله وكل ما له من مكان قد هم الماءُ أن يتلفه أو يهدمه إلى مكان شديد المنعة،
مكان لا يقدر نهر أن يعبر إليه ألبتة، هكذا كل غني مِعْطَاء رحيم يتصدق على الفقراء والمعوزين.
لقـد نـقـل ثـروتـه مـن مـسـكن أرضي إلى مسكن القديسين، قبل أن يحل يـوم الممات، هذا الذي آلامه وأمراضه أشد علينا وطأة من ماء النهر وأمواجه.
134 - لأنه لو لم يكن البشر بطبيعتهم غيورين، ويحسدون الآن ذوي الغِنَـى الفـاحش، لما ذُكِرَ في مواضع عديـدة مـن الأسـفـار (المقدسة): "لا تغـر مـن الناجحين في حياتهم".
أمـا هـذا فأقولـه أنـا عني وعنك، أيها الفقير؛ لأنه لا يليق بك أن تضجر أو تحسد الغني الظالم الناجح في هذه الحياة الدنيا، في حين هو أشـد فـقـراً مـن أي فقير في الحياة السمائية،
بل يجـدر بـك أن تغـار مـن النـاجحين في الإيمان، الجياع والعطاش إلى البر، كمـا هـو مـكـتـوب، سـواء كانوا القديسين الأوائل أو الـذيـن تـراهـم الآن؛
لأنـه في كـل زمـان ومكان يوجد من يحبون الله، وسوف تشبع معهم في ملكوت الله.
لا تحسد ذاك الظالم. هو لن يعطيك شيئاً لتأكل؛ لأنه عديم الرحمة. صلِّ لكي لا يفعل بك ظلماً ويسلب ممـا لـك.
أ لم تسمع عن لعازر الذي لم يعطه ذلك القاسي المدعو نينيوي (NINEUY) شيئاً ليأكل أو يذق بالرغم من أنه كان ساكناً بجواره؟
135 - لا تنظر للذهب والفضة والحجارة الجميلة في بيت الغـني ، ولا تتعجب، ولا تعتقد أنه يستحوذ على غنى عظيم؛ لأن هذه الأشياء أوان خزفية ومتغيرة (القيمـة).
إذا سقط عليهـا حـجـر مـن أعلـى تنكسر، فتصبح عديمة النفع، وأقصد بذلك ساعة الوفاة.
في ذلك الوقت، حين تؤخذ نفس ذلك الغبي منه، سيهلك أمامه كل ما كنزه بعدم رحمة؛ لأنه سوف يرحل ويتركه، وسيذبل سريعاً العشب والزهر، كما قيل عنه.
كذلك ستهلك أفكاره المظلمة وكل رجائه، كما هو مكتوب: "رجاء الأشرار سيبيد"، وأيضاً: "في ذلك اليوم تهلك كافة أفكارهم"
136 - لقد قلتُ ذات مرة أن يـسـوع هـو ملكنـا منـذ الأزل، كما يشهد بذلك القديس منذ البدء: "اللهم أعط حُكْمَك للملك، وبـرك لابـن المـلـك".
ولكـن كـمـا مـلـك الـرب عـلـى خشبة، كما هو مكتوب، ينبغي لكل واحد منا أن يملك بواسطة أعمال حسنة في أتعاب قد جمعناها لأنفسنا في المخازن التي في السماء،
لأنه مكتوب أننـا بـضيقات كثيرة سـنـدخل ملكوت الله، وأيضاً: "احتمـل المشقات، اعمل عمل المبشر"، وكذلك: "الأمر الذي لأجله أتعب أيضا مجاهداً. "
137 - فماذا يعني أن الرب قد ملك على (بواسطة) خشبة؟
دعونا نبحـث (هـذا الأمـر). في موضع آخـر (مكتوب): "بـدم الـخـشـب تطهرني، تغسلني بـه فـأبيض أكثر من الثلج".
هـل مـن المعتاد أن يملك الإنسان على (بواسطة) خشبة أو أن ينزف الخشب دماً؟
أيـن رأينـا هـذا قط؟ أو مَـن مِـن البشر رأيناه يملك على (بواسطة) خشبة ألبتة، وقد غسل نفسه بدم خشبة؟
أيّ خشبة تلك التي ملك عليها(بواسطتها) الرب؟
أم أنه يتحدث بالحري عن الصليب، ذلك الذي يسخر منه اليهود الأغبياء وكل الهراطقة الأنجاس؛ لأنهم لا يعرفون قوته ولا الخلاص الذي صار بواسطته.
137 - مثل ذلك الإنسان الذي لا يستحق الله، وهـذه هـي المـرة الثالثة التي أذكر فيها اسمه فيما يخصني،
قد قال لي بعين فاجرة لا تستحي، مجـدفـاً: "هـل الآلهـة تُصْلَب؟"،
وقـد شـابهت كلماتـه كلمات اليهود الذين قالوا للرب على الصليب: " انزل لنؤمن بك" مـن أجـل ذلـك، فالهلاك الـذي حـلَّ بأولئك سيحلُّ علـى أم رأسـه مضاعَفاً عنـدما سيهلك،
هـو واليهـود وكـل واحـد غـيـر مـؤمـن بـه (بالمسيح)؛ لأن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، أما عندنا نحـن المخلَّصين فهي قوة الله وحكمته.
138 - لننظر الآن عن أية خشبة يتحدث المرنم داود أنه بدم الخشبة سنطهر سوى عن دم يسوع مخلصنا،
هذا الذي سيُطَهِّر قلوبنا وأيضاً عقولنا من الأعمال الميتة ونحيا، كما هو مكتوب، ويغسلنا بدمه ونطهـر من خطايانا فنبيض أكثر من الثلج،
كما قال الرسول إن يسوع قـد مـات لكي يُطَهِّر الشعب بدم نفسه.
وهذه هي الخشبة التي يقول عنها الكتاب المقدس: "إذا وقعت الشجرة نحو الجنوب أو نحو الشمال، ففي الموضع حيث تقع الشجرة هناك تكون".
إنني حقاً لست مستحقاً أن أفسر كلمات الكتاب المقدس أو أسمعها، وأنا أفسر ما غمض (منها)، في حين أنني (إنسان) مسكين، لكننا سوف [...] أيضا أن نحفظ ما قلناه.
أما عن (معنى) الشمال والجنوب فليس هذا هو الوقت (المناسب) لنتكلم عنهما؛ لأننا سنعرج علـى أمـر آخـر ونـقـول هـكـذا:
سيعلن الله (لكل) مدينة أو مجمع أو إنسان يسكن فيه الله ويتمشى أنه ساكن فيهم من أجل كثرة صلاحهم.
لأنه حيث يُصْنَع حُكْـم عـادل وكـل عمـل بـر، هناك يـكـون الـرب يسوع، ساكناً أيضاً في كل إنسان، كما هو مكتوب أن الـرب يحل في المكان الذي يُتَكَلَّمُ فيه عن الربوبية.
والذين قد تطهـروا بدم يسوع هم ظاهرون بواسطة ضبطهم لأنفسهم (عفتهم) أو بتوليتهم وعذريتهم وطهارة مضجعهم وكل أمر يرضي الله.
139 - فلنأخـذ لنـا الآن هذه الشهادة الأخرى، وسوف ينجلـي لنـا (تفسير) الكلمـة مـن تلقـاء ذاته أن الخشبة هـي (ترمز إلى) يسوع،
هذا الذي قد تطهرنا جميعاً بدمه، كما هو مكتوب: "أرسـلَ الـربُ قضيبَ عزك من صهيون". أ لا يُعَدُّ القضيب خشباً؟
هكـذا الـرب (أيضاً) ليس هو خشباً ولا قضيباً، لكنه الإله الحقيقي الذي طعنـوه في جنبه بالحربة فخرج دمٌ وماء، لكي نخلص به،
كما قال الرب عـن الكـأس: "هـذا هـو دمـي الـذي سيُسْفَكُ عن كثيرين".
وقـد علمنا أن الرب قد ملك على خشبة، وهو في الواقع الملك وابن الملك، "الله الكائن والذي يكون إلى الأبد، أمين"
140 - فيجب علينـا الآن ألا نتردد في أن نملك بواسـطة أعمـال حسنة، كما هو مكتوب: "مـن يشتغل بحقلـه يشبع خبـزاً ويعلِّـي كدسه.
إن كان كثيرون قد شبعوا مـن كـل (أنواع) الأطعمة الموجودة في بيوت الأثرياء، فلنسرع نحن أيضاً لنشبع مـن الخـيرات الموجـودة في بيـت يـسـوع الـغـني بالرحمـة،
لأننـا نـحـن بيته، لكي نلهج بمسرة قلب. لأننا سنشبع من الخيرات في بيتك. هيكلك مقدس عجيب في البر، فبيتـه نحـن والكنيسة من أقاصي الأرض إلى أقصاها،
وطوبى لكل من سيشبع من الخيرات التي فيها، التي هي كل كلمات أسفار الله المقدسة.
141 - إن كنا نتعجـب مـن الآلات الذهبية والفضيات عنـدمـا نـرى ثروات الغني، فلنُعِدَّ لأنفسنا أيضاً أشياءَ كهذه،
لكي تتعجـب الملائكة، التـي سـترى سلوكنا (المسيحي)، مـن كـل فـضيلة مـن فضائلنا، نحن كلنا الذين اخترنا لأنفسنا أن نحمل الصليب ونتبع الرب.
142- لأنه كما أنه من الصعب على الفقير أن يحصل لنفسه على ثروات الغَني، هكذا الأمر أيضاً بالنسبة للغني المُفْتَقِر لثروات البر:
الرحمة، والإيمان، والمحبة، وضبط النفس (العفة)، والعدل، والطهارة، وكل بر، ولا سيما الصلاة والصوم اللذان يعوزانه بسبب إراحته لجسده الرقيق الناعم.
143 - كما أنه أيضاً من السهل على الفقير الغـني في الأعمـال الصالحة أن يدخل ملكوت السموات، هكذا الأمر بالنسبة للغني المثقل قلبه بهموم فوق همـوم لهذا الدهر،
وشهوات الحياة، وخداع الغِنَى، وخطايـا مـن كـل نـوع، ولن يغير السلوكيات الشريرة إلى سلوكيات حسنة لكي يهرب من الغضب الآتي،
لأنه من أجل ذلك قال الرب: "انظروا كيف أنه من العسير أن يدخل ذوو الأموال إلى ملكوت الله"
144 - من سيقدر أن يعرقل إنساناً خفيفاً لا يحمل وزناً ولا ثقلاً من أن يجري إلى حيث يريد؟
هكذا أيضاً الحال بالنسبة للفقير الذي لا يُظْلِم قلبَه غِنَى أو خداعُ الذهب والفضة أو خيلاء الحياة. أي شيء يقوى عليه؟
أي شهوة تُكَبِّله حتى لا يهرب من دنس آثامه إلى الصلاح؟
لو انفتح أمام بيتـك فـجـأة بـاب يـؤدي لذهب وفضة وكل (أنواع) الخيرات، هل ستتردد في أن تسرع وتأخذ من (هذه) الخيرات وتحملها لبيتك؟
فلماذا (إذاً) تتردد أن تصلي بـلا انقطاع حسب الوصية، تصوم وتصنع كل عمل صالح؟
باب البر مفتوح لك أكثر من باب أعمال الدنيا الذي تظنه أنـت أنـه قـد انفتح للغَني. مـا الـذي ستقوله؟
مـا الـذي يعوقك أن تجمع لنفسك الثروات اللازمة، وليس هناك مبرر سـوى أنك كسول، ذلك (المبرر) الذي يجعل من كل واحد متسيب فقيراً ومسكيناً.
146 - ونحن لا نستحي عندما يوبخنا الضمير والفهم اللذان يحفظانا، كقول الكتاب نحن لا نستحي عندما توبخنا الكلمة المكتوبة:
"كما يدور الباب على صائره هكذا الكسلان على فراشه"، وأيضاً: "إلى متى تنام أيها الكسلان؟ متى تنهض مـن نـومـك؟"،
وكذلك: "الكسلان يخفي يديه في حِجرِه"، وأيضاً: "الكسلان لا يستحي إن وُبِّـخَ". كل هذه (الآيات) نحن نسمعها من الكتاب المقدس ولا نستحي.
لم يقل أن الغِنَى النفيس هو أن يملك ذهباً وفضة، حتى لا يفتخر الغَني، ويتضع الفقير، ويقول يائساً إنه من المستحيل أن يصير غنيًّا،
ويعتقد أنه مُحْتَقَر، بل قال إن الغِنَي الكريم هو الرجل القديس، هو أثمن مـن الـذهب والحـجـر الكـريم.
لقد أعُطْـِي لـكـل واحـد بـلا حسد حتى يصير (كل واحد) غنيَّا بواسطته.
لأن هذا الأمر (أي) "الرجل ا القديس" هو غِنَـى لـن تستطيع أن تقارنـه بـأي شيء آخـر ممـا قـد كُسِبَ؛ لأن الصيت الحسن أفضل من الغِنى الفاحش.
147 - لأن الرب لم يفتقر وهو غَني لكي يجعلنا أغنياء بالذهب والفضة، بـل حـتـى يـصير الكـل معـاً، أغنيـاء وفقـراء، أغنياءَ في الأعمال الصالحة،
على كل حال، فكما أن الـرب مـن أجلنا افتقـر وهـو غَـني، يليق بالحري باللذين يملكون غِنَى العالم أن يسلكوا كمن ليس لهم،
مثل الـرب الـذي سلك كمـن لـيـس لـه شـيء، مع أنه رب الكل، السماء والأرض وكل ما فيها.
148 - هكـذا لم يَسْقِه أولئك الأغنيـاء في الـشـر وهـو عطشان ومُسَمَّر على الخشبة.
وهكذا الآن أيضاً (حال) [كل] ظالم. فهو لا يملك شيئاً - بل الله هو الذي يمنح كل شيء – وحسود، فلا يعطي الفقير منها شيئاً، بل يعذبه أيضاً بأعمال ثقيلة للغاية.
لأن الرب قـد قال، معلماً كل واحد: "لي الفضة ولي الذهب"، وبالحقيقة كما هو مكتوب:
"الكافر هو كل العالم وأمواله" أما الكافر والغَني الظالم عديم الرحمة فليس لهما فَلْسٌ، بينما بيوتهما ملآنـة مـن دمـاء الفقراء.
الغني الكافر والكاره للبشر يسلب مـا في بيت الفقير ويجعله ملكاً له. أما الغَني البار فيحمل ما في بيته [لبيت] الفقير.
ما الذي يوجد في بيت الغَني الجشع ولا يخص الفقير، حتى كلابه والطيور التي يداعبها في توانيه، الفقير هو الذي يُطعِمها
149 - طوباويون هم كل الأغنياء الأتقياء الذين يؤمنون بالله الذي يرزقهم بكل ما لهم؛ لأنها ليست ملكاً لهم، فيطعمون أيضاً الفقراء وأبناءَهم وكل بيتهم، ويهتمون بكل واحد.
وتعساء هم كل الأغنياء عديمي الرحمة، وكل إنسان شرير، الذين يحسبون [...] أنها ملك شخصي لهم. لم يعرفوا الله الذي منحهم إياها،
مثل ذلك الجاهـل الذي أمسكته في المعبد، والذي أتيتُ على ذكـره مـرات عديدة. لَمَّا قلتُ له، موبخاً إياه، أن الله قد وهبك غِنَى، أما أنت فقد احتقرته،
أجابني بلسانه الذي يستحق القطـع مـن حلقـه: "ليس الله هو الذي رزقني الغِنَى، بل أبـي هـو الـذي أعطاني إياه".
أما أنا فلمَّا سمعت (هذا) فهمت أنه يقصد بـ "أبي" الشيطان، أي إبليس الذي يأتي إليـه، ويسجد له في ذلك المكان.
150 - كذلك أيضاً يعتقد كثير من الهراطقـة فيما يعتقـد فيـه ذاك، وقـد كـَمَـلـوا في تجـديفهم، قائلين إن الشيطان هـو مـالـك الثروات،
حتى إن الهراطقة والوثنيين ربما يتعبدون له لهذا السبب، ويهرقون له عند الماء (قرابين من السوائل) و[...] الحـقـول وعنـد كـل مكان يَدُلَّهُم عليه قلبهم.
فهذا هو اعتقادهم فيه أنهم يصيرون أغنياء بواسطة هذا الذي لا يملك شيئاً سوى الخطيـة؛
لأن هـذا هـو الغِنَـي الحقيقي الذي يحصلون عليه منه: سيجعلهم أغنياء في الشر، وغرباء عن الله الذي خلقهم.
لذلك يوجد في بيوت مثل هؤلاء أغاني سفيهة، ورقص، وكل فعل خليع.
151 - أما أنت، أيها الإنسان الذي تُبَجِّل التقوى، ليكن في بيتك مزامير وصلوات وتشكرات في كل أمر صالح. ولا تحزن علـى فـقـر.
أ لَمْ تجد ملابسَ لترتديها؟ الْبَس الرب، كما هو مكتوب: "البسوا الرب يسوع المسيح". وبدلاً من المعاطف ارتدِ الوصايا المقدسة.
أ لَمْ تجِـد خبـزاً لتشبع؟ أشبع بيسوع، الخبز الحقيقي، هذا الذي يعتـاز إليه اليهود الأشرار وكل الهراطقة.
أ لَمْ تجِد نبيذاً لتشرب أو لتذق؟ اشرب تعاليم الكتاب المقدس، وابتهج بكل كلماتها؛ لأنه لا يوجد من يمنعك، أحزن على آثامك، لكي – كما هو مكتوب – تتعزى بالله.
افتكر في السمائيات وليس الأرضيات. ليت كل بيتك يصير رائحة عطر للمسيح. ليته يزخر بكل عمل صالح.
لا تعتقد أنك أكثر تعاسة من الغَني لأنك تعتـاز الخبز، فهو أيضاً يرقد في فراشه مكتئب القلب؛ لأنه لا يستطيع النوم من كثرة ما أكل.
152- فالآن، أيها الفقير، لا تشرب سمًّا، فقد أنقذك الله منه، ولا تذقـه؛ لأنـك مـُكّـرَّم عنـده. أمـا هـذا فـقـال: "لا تَشْتَهِ أن تحيـا حسب الجـسـد"؛
لأنـه مـكتـوب: "لأنـه إن عـشتم حـسـب الجـسـد فستموتون". ومـا دمـتَ تعتقد أنك لا تملك شيئاً، فليكن معلوما عنك أنك، كما هو مكتوب، تملك كل شيء، أي محبة الله. [...]
كما هو مكتوب، وتزايدْ في كل صلاح. ستصير لك الأصوام والصلوات ميراثًّا لتـسـود علـى كـل الـبـر، بدلاً مـن (أن تـسـود) علـى حديقة أو بهائم أو كل الماديات الأرضية.
تقاسم همومك في خـوف الـرب بـأن [تتوب] عن خطايا جهلك، بدلاً مـن هـمـوم الغَني القاسي الذي يخنق كلمة التعليم المقدس داخله بواسطة اللذات
153 - أيها الفقير، أنت تتعجب من مجد الغَني على الأرض الذي سيزول سريعاً.
فليتعجـب هـو أيـضـاً وهـو يـراك في ملكوت الله، ا (ويرى) مجدك الذي سيدوم أبد الدهر.
فبينما هو قصير الوقت الذي قضيته وأنت تشاهده على الأرض في خيراته، في حين أنـت تـعـانـي،
فأبدي هـو الـزمـن الـذي سيقضيه هـو يشاهدك وأنت في ملكوت السموات في الخيرات، في حين هو في الضيق والكرب.
هو لم يعطك لتأكل على الأرض مثل أخيك لعازر، (كذلك) لـن يعطيه أحـد ليـذق مثل أخيه نينيوي؛ لأنه هو الذي اقتنى لنفسه كراهيته للبشر.
154 - إن كنت تتعجب في ذاتك وأنت ترى لون جسمه وقوة جسده مـن كثرة الأكل والشرب والراحة،
في حين أنـت خـادم لـه في كل شيء، كما لو أنه بواسطة كثرة التعـب قـد حـوَّل لحمك في جسده؛
لأنك تطعم ذلك البائس مثل حصان، في حين هو يتفرغ للعهر وغيره من الآثام،
لأنك صرت جافاً مثل الخشب. لقد سلخك وتركك جافاً كَلِثَة قد انفصلت عن أسنانها.
لقد قذف بك خارجاً حتى إنك منذ تلك اللحظة لم تعد تصلح للعمل من أجل رزقك ورزق أولادك.
155 - أمـا هـو فـسـوف يَغْتَم في الجحيم، ويصير في هيئة مفزعة، ويكون قذراً بسبب دنس خطاياه وظلمه، وسوف يُحْرَق في نار جهنم؛
لأنه عَيَّـر الله متهكمـاً علـى فـقـرك، لأنه مكتوب: "المستهزئ بالفقير يُعَيِّر خالقـه".
سـوف يشاهدك وينظر جمال جسدك وهـو لامـع مـثـل الشمس في ملكوت الله، مشابهاً جسد الرب يسوع،
كما قيل: "الذي سيغير (شكل) جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجـده" وأيضاً: "حينئذ يضيء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم".
156 - ليس الفقير المعتاز للخبز والرداء هـو الذي سيجد في ذلك اليوم رحمة أمام الرب، بل الذي يمارس البر هو الذي سيجد رحمة ونعمة عند الرب،
لأن معاناة الموت للفقير الخاطئ تكون مضاعفة؛ لأنه سينتقل من الأتعاب الى آلام أعظم.
أمـا بالنسبة للفقير البـار، فالتفكير في الموت يكون له بهجة مضاعفة؛ لأنه سينتقل من التعب إلى الراحة الأبدية.
هكذا سيكون الأمر أيضاً مع الأغنياء الخطاة وكل الأغنياء الأتقياء؛ لأن الرب سيعطي كل واحد حقه.
لأن الله لن ينسى أعمال الخطاة، ولا الصالحات التي فعلها الأبرار. قد قال: "التقوى نافعة في كل وقت إذ لها موعد الحياة الحاضرة والعتيدة".
157 - إذا كان الفقير الذي لا يملك شيئاً من الأرضيات ولا يرى شيئاً مبهجاً، بل هو خاضع للمعاناة الصعبة، لا يريد أن يفارق هـذا المسكن،
فكم سيكون حزنك، أيها الغَني القاسي، عندما تُحْمَل رغماً عنك بعيـداً عـن مـلـذاتك وغِناك؟ كانت لك القـدرة أن تجعل نفسك غنيًّا في الرحمة وكل عمل صالح، (ولكنك) لم تلق للأمر بالاً.
158 - إن كان الويل لعبدك إذا أعطيته وديعة فلم يحافظ عليها بإخلاص، بل ضيعها عبثاً،
فكـم يكـون الـويـل لـك مـن الله في اليـوم الذي سَيُسَائِلُك فيه؛ لأنه أعطاك الغِنى فضيعته في الخلاعة.
ولأنك خبأتـه في الأرض، في المخازن، فقـد مـضيت إليـه خـالـي الـوفـاض وتركتـه (الغِنَـى)،
حتـى إن (الله) سيخفيك مـن أمـامـه، حتـى لا يسمعك في ذلك اليـوم أو يرحمك. لأنك أنت أيضاً قد خبأت غنـاك حتى لا تسمع الفقير على الأرض وترحمه.
159 - أ لم تسمع صوت أسفار الله آتيـاً مـن [...] الأرض [...] و[...] لأن الـ [...] يقـول [...] لا تظلم الفقير لأنه يحتاج إلينا، أيهـا الغَـني الغبي عديم الرحمة.
إن كان الله قد بذل ابنه يسوع مـن أجـل كـل المسكونة، راغباً أن نخلص كلنا، أما أنت فلا تريد أن ترحم الفقير بأشياء [...] ولم تـرد أن تستمع لله ولا لوصاياه الـتـي تقـول:
"لا تدع الرحمة والإيمان والبر يتركونك". هكذا أيضاً الأنبياء والرسل والشهداء قد بذلوا أنفسهم للموت عنا جميعاً، ولم يضعفوا من أجل محبتهم لله ولكل من يؤمن به.
أما أنت فتبخل بأشياء ستفنى، ولا تريد أن تنصت للقائل: "لا تمنع الخير عن أهله حين يكون في طاقة يدك أن تفعلـه"،
لأنـك لـو كـنـت سـيـداً عـلـى كـل الأرض، وتبذلها بكـل مـا فيها، وتعطيها للفقراء والمعوزين من أجل الوصية القائلة: "مـن يعطـي الفقير يقـرض الـرب"، لكنـتَ أعطيتهـا جميعاً،
ولكانت لا تساوي قطرة واحدة من الدم الكريم الذي لربنا يسوع، ولا التعيير الذي لاقاه القديسون، ولكانت لا تساوي كـأس مـاء صغيرة يعطيها لك الرب يسوع في ذلك اليوم ليَبْرُد لسانك وقلبك.
160 - أ لم تسمع هذا: "أرسِلْ لعازر ليبـل طـرف إصبعه بماء ويبرد لساني؛ لأني مُعَذَّب جداً في هذا اللهيب "؟
أ ليس هو بشر مثلك؟ أ لا يجب علينا جميعاً أن نتعلم مـن هـذه الكلمات البائسة التي تفوه بها هذا التعس؟
لو كان هو الآن سيداً على كل الأرض، أو أن كل الأشياء قد اجتمعـت لـديـه هـنـاك، وسيؤخذ شيء منه،
ألا يبذلها جميعاً ولا يُبْقِي منها شيئاً حتى الفلس الأخير حتـى يـجـد رحمة في اللهيب الذي يحرقه؟
161 - أما أنت، أيهـا الغَـني الظـالم، فكـل مـا لـك قـد اجتمـع وموضـوع تـحـت تصرفك، وليس أحـد يتسلط عليه، ولا يوجـد مـن سيعيق غيرتـك إن (أردت) أن تعطـي (صـدقة).
وكـل مـا سـتعطيه سيؤخذ إلى خزائن السماء، ويكـون لـك رجـاءً، ويبقـى لـك في ملكوت السموات، ولكنـك تنسى أن تعطي المحتاج.
162 - الفقير يبكـي وهـو مـتـألم القلب؛ لأنه يعتـاز إلى المأكل والملبس. إن الله حزين علـى فـقـره، أمـا أنـت فمسرور، وتسخر مـن فـقـره.
أنـت تـهـزأ بالله، ولا تعرف مَن هذا الذي تهزأ به. كذلك تسخر منك أنت أيضاً حكمةُ الله القائلة: "أيها الأغنياء الظالمين، بعد أن دعـوتكم أن تُقَدِّموا لعبيـدكم العدل والمساواة لم تصغوا إلـيَّ.
لقد أذعـت كلمـاتي: عليكم أن تشفقوا على الفقراء. احكمـوا بالعدل بـين الإنسان وجـاره.
تباعـدوا عـن الغـضـب وكـل شـر، وارجعـوا عـن سخطكم إن صادفتم عبيدكم والفقـراء، ولم تلقـوا بـالاً (لكلماتي). لهذا، سأضحك أيضاً على هلاككم. سَأُسَـرُّ عنـدما يحل بكم الهلاك".
163 - أيتهـا الـنفس العاصـية والمبتهجـة بـشـرورها، تعـرفين أن تختـاري مـا تشتهين وكـافـة الـشهوات الجـسدانية، ولكنـكِ في عصيانكِ وتعـديكِ تنبـذين كـل كلـمـات أسفار الله.
في نكرانـك وخلاعتك تهزأين بوصايا الله. تهتمين بالجسد وتخدمينه في عبودية الجـسـد الـذي هـو إلهكِ.
تزدرين أيضاً بمـلاك الله حتى لا تهتمين بالصالحات، هذه التي من أجلها قد نزل من السماء.
لم تعطِ الملاك مـا لـه عليـكِ، أي: الحق، والطهارة، وضبط النفس (العفة)، وكـل عمـل صالح.
ولكنـكِ قـد أعطيتِ الشيطان الكذب، والدنس، والتسيب، وكل فعل رديء.
أيتها النفس البائسة، لم تخضعي لملاك الله بالحق، بـل خضعتِ للشيطان في كـل خطيـة وكـل غـش. لم تذعني لبر الله بالحق والاستقامة،
بل أذعنتِ بكل قلبك وكل قوتك لتعدي الشيطان النجس والذي ينجس آخرين.
لم تطيعي الله، يسوع، الذي أوصاك ألا تفعلي شراًّ، ولم تستغني عن شيء مما تشتهين،
بل أطعتِ الشيطان النجس حتى تنجستِ بكل آثامكِ، ولم تقدري أن تأتي عملاً واحدا صالحا. وإذا [...] يحطمكِ الشيطان، مثلما [...] في فجوركِ ويدهسكِ بواسطة كل التعديات المقيتة.
164 - انظري لمن يخاطبكِ وستعلمين ماذا اقترفتِ. إن كنتِ لستِ حمقاء فالتفتي لما تسمعين،
وسوف تدركين أنكِ قد ابتعدتِ عن الله بأعمالكِ الشريرة، ولم تقتربي منه بعمل واحد صالح.
أما الرب فلم يذكركِ بالرحمة والبركة، بل باللعنة والغضب، لكي يجلبهما عليكِ على الأرض.
كذلك في يـوم الـغـضـب لـن تستطيعي أن تهربي إن لم تتوبي سريعاً، أيتها النفس البائسة.
ولم تندمي قط وأنت تدنسين هيكل الله والـروح القدس، طاردة الرب من البيت لكي لا تدعيه يجد فيه ولو ركناً في مسكن،
بينما أنتِ [...] الشيطان إبليس حتى يسكن هو فيه، بالرغم من أن (هذا المكان) ليس ملكاً له، وقد ملأهُ بالأرواح النجسة.
165 - لقد بذل الرب يسوع دمه فدية عنكِ، هذا الذي لا يستحق كافة العالم وكـل مـن فيه ذرةً من قطرة صغيرة منه،
في حين أنكِ قد رجعتِ للنجاسة وكـل أمـر غـريـب عنـكِ لكي تستعبدي لهم ذاتكِ.
ماذا ستقولين في حضرة [الله]؟ وكيف ستستطيعين النظر في وجه أبينا الذي في السموات، عندما يدينكِ ويدين النفوس الأخرى؟
أ ليس ميلاد كل البشر هو نفس الميلاد، ونفس حركات الطبيعة هي نفسها التي تتحرك داخلهم؟
فكيف إذاً تصارع النفسُ في صبر مع كل عمل صالح حتى ترجع إلى الخالق، أما أنتِ فـ [...] الشر، ولم تعتقـدي أو تفكـري بـأن الله سـوف يـسـائلكِ ويدينكِ حسب أعمالكِ المُهْلِكة؟
166 - هـل أنـتِ هـي (النفس) الوحيدة الذي وُلِدَت في ذلك العالم؟ أ لم يمارس الصلاحَ جمـوعٌ مـن الـبـشـر؟
هـل صنعوا كلهم الخطية؟ أ لم يأثم الكثيرون ثم رجعـوا وتـابوا وأصلحوا حياتهم؟ فكيـف ستهربين إذاً مـن دينونة الله [...] مقاصدك الشخصية؟ لقـد زكيـتِ الإثم على البر.
167 - ماذا تظنين؟ رجلان يخـدمـانك، وأرسلتيهما في مهمة حتـى يُتِمَّا ما أمرتيهما به، ثم يعودان إليكِ. أحدهما خـرج مـن عنـدكِ ولم يعُد، مثل الغـراب المذكور في الكتاب المقدس،
أما الآخـر فـعـاد إليكِ، مثل الحمامـة الـتـي صـارت مطيعة، وبيديها علامـة مـا أُمِـرَت به. أ لـن تُـَسـرِّي بالـذي خـدمكِ بأمانة، وتغضبين علـى الآخـر؟
فكيف لن يسخط الرب عليكِ بغضب؛ لأنك اقترفتِ تلك الآثام؟ لقـد تناسيتِ البر (العدل) الـذي خُلِقْـتِ مـن أجـلـه، أم أنـه لـن يـُسَـرَّ بالـذين صنعوا الصلاح،
أولئك الذين لم يُخَجِّلهم أحدٌ لكي يصنعوا كل ما يرغبه الله لكي ينالوا منـه بـركـة؟ أمـا أنـتِ فـقـد صـنعتِ كـل مـا يمقته الله حتى إنك ستنالين منه لعنة.
168 - هـل وُلِـدْنَا في هذا العالم لكي ننال عقاباً أبدياً؟ أم لكي نصنع الصلاح، ونقتني لأنفسنا حياة أبدية؟
فكيف اخترنا لأنفسنا أن نسلك في طريق الشيطان الآثم القاتل، ولم نختر لأنفسنا أن نسلك في طريق مخلصنا الغَني البار؟
أ ليس من الأفضل أن يظل الإنسان البار سنوات طويلة في مسلك الملائكة، خادمـاً الـرب بكل أمانة،
عن أن يبقى الخاطئ ساعة واحدة في مسلك الشيطان، خادماً إبليس في كل كذب؟
هل يوجد أفضل من أن يُحْصَى الإنسان مع أجنـاد الملائكة، ويصير مُسَبِّحاً للرب معهم في كل وقت،
عن أن يُحْصَى الإنسان الخاطئ مع قطيع الشياطين، خادماً إبليس في كل خطية؟
أ لم يخطئ الإنسان في جهله حتى صار غريباً عن الله، ثم عاد ثانية، وتاب بصدق، حتى عرف في نفسه أن (الله) قد غفر له؟
169 - فلمـاذا لم تقلعـي عـن هـذه الخطايـا الـشـريرة، وترجعـي وتتصالحي مع الله بواسطة الأعمال الصالحة، مثلما جعلت نفسك عدوة لله بواسطة الأعمال الشريرة؟
فالآن، تشددي لتحاربي الشيطان واسْتَعْديه، هـو وشروره، و(بهـذا) سوف تجدين رحمـة مـن الله، إذا كان تواضعكِ عظيماً،
كما هو مكتوب. ستنحل خطيتكِ [...] في اتكال: "انظر إلى ذلي وتعبي واغفر جميع خطاياي ".
170 - أيها الإنسان، إن كنت باراً، ولم يتنعم جسدك بشيء قط، بـل كـابـدت آلامـاً كثيرة وأمراضاً،
ولم تضجر بسبب الله، كما قـال الـرسـول: "أكـمـل نقائص شـدائـد المسيح في جسمي لأجـل جسده"،
وأيضاً : "لم يكـن لـجـسـدنـا شـيء مـن الـراحـة"، إن كنتَ، أيها البار، قد سلكتَ على هذا المنوال، فلن ينالك أي شدة أو ألم في ملكوت السموات.
171 - أيهـا الخـاطئ، إن كنتَ لم تنـل في جسدك أي ألم، ولم تختبر المرض فتُدْرِك أن الراحة حسنة، وأن المعاناة رديئة،
بل قضيتَ كل عمركَ في راحة عظيمة، مستمراً في تعدياتك، فلـن تـرى شيئاً من الراحة، ولن تلقى أي نعيم في أسفل الجحيم.
172 - أيها البار القديس، إن كنتَ لم تشبع من أن تحب الله من كل قلبك، سيحفظك الرب يسوع بنفسه، وتظل في مجد بركته.
173 - أي خير سيعوز البـار في ملكوت السموات؟ إنـه مـع الـرب وملائكته في كـل وقـت. النـور يحيط به. الملكـوت مُـعَـدٌّ (لـه) منـذ تأسيس العالم.
النياح والسرور، المجد والبركة، العروش وأكاليل احتماله، الفرح والتلذذ بالخيرات الأبدية. هذه وغيرها ستحيط به، وهو سيكون في وسطها في أورشليم السمائية.
174 - أي ألم لـن يـجـده الخـاطئ في أسفل الجحيم إذا مـات في خطاياه؟ إنه مع إبليس وملائكته في أتون النار،
المملوء بالصقيع والعُري، بالتنهـد والحـزن، بالازدراء والخزي والعـار. هـذه وغيرهـا ستتسلط على الخاطئ وتحيط به.
175 - فما هو إذن هَمُّ البار وهو في ملكوت الله؟ لا يوجد (هناك) جـوع ولا عطش. لا يوجـد تعـب الصيام، ولا تنهد ولا حـزن مـنـذ تلك اللحظة. لا يوجد أي غم أو كآبة.
176 - لكن ما هو رجاء الخاطئ إذا لم يكن له فرح ولا عزاء، إذا لم يوجد خبز ولا ماء، وعلى الأخص لا توجد أطعمة فاخرة،
وليس فقط يوجد [...] من ماء حتى يقترب إليهم ليشرب ويروي ظمأه، بل [...] رطوبة، ولا يوجد طَلُّ ولا ظِلُّ ولا برودة ولا لُعَاب في فمه،
ولا قطرة ماء ليبرد (بها) لسانه في النار، ولا توجد فرصة واحدة للراحة. فما حدث لذلك الغَني نينيـوي قد كُتِبَ لنا على سبيل الحكمة.
ونحن نقرأ أنه كان يعتـاز لقطرة ماء، وأنه لم يوجـد مـن يعينه؛ لأن الكلاب والخنازير تشرب الماء على الأرض وترقد فيه بلا حسد.
أ لم يظهـر لـه إبـراهيم في ملكوت الله كمـلاك النـور؟
فلمَّـا رفـع ذلـك عينيه، أبصر إبراهيم بعيداً، ولعازر في حضنه. فنادي متوسلاً من أجل نفسه ومن أجل إخوته.
فلم يقل له إبراهيم شيئاً جديداً، ولكن هذا ما قاله: "عندهم موسى والأنبياء. ليسمعوا منهم".
أما نحن فقد زيد لنا على ذلك عهد جديد، (أي) كلمات أناجيل ربنا يسوع المسيح ورسله، بالإضافة لكثير من (تعاليم) الرعاة والمعلمين.
177 - ماذا سنقول أمام هؤلاء عندما نذهب إلى الرب أو يأتي هـو (إلينا)؟
أ لن يقول لنا مُوّبِّخاً: "أ لم تقرأوا موسى والأنبياء؟ لو كنتم لم تقرأوا العهد الجديد ،
ولو كنتُ لم أجئ ولم أتكلم معكم، ولو كنـتُ مـا صـنعت بينكم الأعمـال التي لم يصنعها أحـد أخـر، لما كانـت لـكـم خطيـة. أما الآن فليس لكـم احتجاج لتقولـوه.
اقبلـوا اللعنة على كافة تعدياتكم، أيها الخطاة الذين لم يتوبوا، بدءاً من الذين كانوا كهنـةً في بيتي، ورهباناً في أديرة، ورؤساءَ ظالمين، وصولاً للوثنيين والهراطقـة.
وسيسمعون أيضاً الرب قائلاً لآخرين بفرح: "ادخلـوا لـفـرح سيدكم الأبدي".
أمـا نـحـن فسنسمع هذا الصوت المملوء من الغضب الآتي مـن فـم الملك، القاضي العادل يسوع المسيح،الجالس على مركبة الشاروبيم في حين السيرافيم واقفون أمامه،
وهـو يأمر أجنـاد الملائكة [...] و[...] أن يربطـوا أيـدي وأرجـل الخـطـاة ليلقـوهم في الظلمة الخارجية. هناك سيكون البكاء وصرير الأسنان.
181 - لماذا سيتركنا الـرب فـلا يرحمنا في ذلك المكان وفي ذلك اليوم [...] الذي ترك الله؟
كيف سيوجد ملاك واحد في ذلك اليـوم سيكترث بنا؟
لأننا تخلينـا عـن صـداقتهم فيما هو حسن، وسعينا وراء صداقة الشياطين في كل أمر شرير.
لماذا ابتعد عنا أيضاً الأبرار وكل القديسين؟ لأننا [نسينا] كلماتهم ووصاياهم التي أمرونا بها.
وبدلاً مـن أن يكـون نـاموس الله في قلوبنـا ويعلمنـا، كمـا هـو مكـتوب، [...] صـار الشيطان في قلب محبِّي الشرور كناموس يعلمهم كل شر،
لأنه كما أن الـرب قـد قـال لآخرين: "أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلونني. إن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه".
هكذا الحال أيضاً مع الذين تركوا كل كلام الحيـاة الـذي كُتِبَ من أجلنـا مـن قِبَل الله بواسطة القديسين، في حين نحـن قـد قبلنا في قلوبنا كلمـات مـوت ومشورات شياطين،
هذه التي تسد أعين قلبنا مثل مَن بصقت الحية سمها في عينيه. ينتابنا الخوف والفزع إذا رأينا الحية تركض، تريد أن تلدغنا.
ليت الخـوف والرعدة تنتابنا أيضاً هكذا ونحن نساعد أنفسنا في الوقت الذي نرى الشيطان ماثلاً أمام قلبنا،
يريد أن يفسد مقاصدنا الصالحة بواسطة أفكاره الأكثر شـرًّا مـن سـم الحية، مريداً [...] النفس [...] وكفريسة يحطمها ا بواسطة كل تعدِّ.
182 - ماذا يفعل الإنسان عادة عندما تلدغه الحية؟
أ لا يجلس عند قـدمـي مَـن يجرحه بالمشرط، بينما يمسكه آخرون، وينثرون الملح والخل على (موضع اللدغ) حتى يغسل كلَّ السم فيحيا؟
أما إذا نفثت (الحيـة) سمها في عينيـه فـهـم يضعون الملح فيهما حتى يطهـر منهما الـسم.
183 - هكـذا أيضاً الإنـسـان الـذي لدغـه التـنين، الحيـة المتحويـة، الشيطان، وسكب في قلبـه شـره، يلزمه أن تمسكه مخافة الله
مثل الذي يمسكه أصدقاؤه، عند الطبيب الحقيقي الذي نأتمنه على شفاء أنفسنا، الله الرحوم يسوع، الذي يجرحنا بواسطة التوبيخات،
بواسطة كل كلمـاتـه الـتـي خـرجـت مـن فـم قـديـسيه، ويعيدنا للتوبة في حزن وتنهد.
إن أردنا أن نهرب من كل ذلك ونمضي للحياة، فلنرجع ونحفظ وصايا الرب وفرائضه، ونغسل أنفسنا فيها، فلن نخاف، ولن تأخذنا الرعدة في ذلك المكان.
إذا قلنا: "كثيرة هـي أفكار العدو الشريرة"، فلنعرف أن كل كلمات الله التي أعطاها لنا لتساعدنا وتهدي قلوبنا إلى الصلاح هي أكثر منها.
184 - الإنـسـان الـذي يقـف بـيـن النـور والظلمـة، يتجاذبـه أنـاس مختلفون عن بعضهم البعض إلى كِلا الجانبين، فأيًّا منهم سيريد هو أن يتبعهم؟
أ لـن يتبـع النـور ويبجلـه؟ الأمـر واضـح [...] في زمـن مـا الـصلاح؛ لأن الحماقـة تجـذبنا نحـو الـشـر.
(أمـا) إذا أردنـا، فباستطاعتنا أن نُجَدِّد أنفسنا، ما دام قد وُضِعَ لنا من الله أن نتوب.
185 - مَن سيقدر أن يهبط إلى الجحيم ثم يعود إلى الدنيا ليضع العمل الصالح الذي أهمله سابقاً في نصابه؟
صحيح أ أنه سيقوم في يوم القيامة، لكن [...] كلمات الله من الكتاب المقدس ووصاياه حتى ينتبه لها أو يتوب عن خطاياه حتى تُغْفَر له.
أما في اليوم الأخير فسوف تُعَذَّب نفس الغَني الخاطئ.
186 - مَن سيبكي معي على إثمي وخطية نفسي؟
لأن الويل لكل واحـد سـيموت في خطايـاه، مثـل [...] مـرة أخـرى،
يـا كـلـمـة الله الحقيقي، في عـظـم محبتـك للبـشـر شـهدت لنـا بالـعـذابات الـتي في الجحيم، التي ستحل بأبناء البشر؛
لأنه – حسب الكتاب - لم يبق سوى القليل حتى نوقَف لنعطي جواباً للمسيح عن كل شيء نفعله.
وكمـا هـو حالنا على الأرض، هكذا سنظهر أمام الله. لأنه كما هو حال البحر، هكذا أيضاً رائحة مائُه.
وكما هو الأسد، هكذا أيضاً رائحته. طعام الإنسان خبـز ومـاء وأطعمـة أخـرى،
لكن إذا فسدت وتغير طعمهـا وتَعَفَّنَـت، فلا يمكن للإنسان أن يأكلها. هكذا أيضاً هو حالنا أمام الله.
إذا فسدنا وتعفنـا بواسطة خطايانا فحينئذ يقول لنا: "لقد صرتم [...] وتحولتم إلى مرارة".
187 - مـا هـي إذاً قيمة الإنسان إذا رفضه الله؟
وبما أننـا ذكرنا الأسد ورائحته، فالرب يصرخ بواسطة القديس الصِّدِّيق قائلاً: "أرى طعامي منتن كرائحة الأسد" .
طعام الـروح القدس هو الطهارة، والتواضع، وكل أعمال التقوى، أما إذا دنسنا طهارتنا وجمال برنا بواسطة الشر،
أمـا الأسـد فـهـو، حسب الكتـاب (المقـدس)، الشيطان، ورائحته الكريهة هي كل تعدٍّ.
وكما هو حال الشيطان، هكذا أيضاً نتانته. وكما هو حال نتانة التعدي والدنس، هكذا أيضاً حـال مـن يدنس نفسه بهما.
وكما هو حال نتن الفريسة، هكذا حال الوحش الذي يأكل منها.
وكما هو حال نتانة النجاسة، هكذا تكون نتانـة مـن يـدنس نفسه. وكمـا هـو حال الأسد، هكذا أيضاً حال أشباله.
هو ذا لا يوجد أبناء شياطين مثل (أولئك) الذين تركوا الله وعادوا للخطيـة مـرة أخرى.
ليكن هذا حتى نتـوب عـن آثامنا، لكـي نصير مستحقين أن ندعو أنفسنا "أبناء الله"؛ لأنه مكتوب: "الذين نجسوا أنفسهم ليسوا أولاده"؛
188 - وكمـا هـو حـال مـاء البحر ورائحته، هكذا حـال أفكار النفس المحبـة للشهوة، التي تشير بالأدنـاس والسرقات والأيْمَـان الكاذبة،
تلك التي تشبه أمواج البحر؛ لأن الخطايـا هـي أشـد نتانة مـن كـل نـتن.
وكمـا أن أمواج البـحـر زائلة، هكذا أيضاً ستبيد مشورات النفس الشريرة في جهنم.
لأن البحر يطيع الله. قـد أقـام لـه مغاليق ومصاريع لا يتعدَّاها. قد وضع لـه حـدوداً، قائلاً له: "إلى هنا تأتي ولا تتعدى، بل تُتْخَم لُجَجُكَ فيكَ فتفنى".
أما النفس الشريرة فهي عاصية، تترك عنها مخافة الله، وتتعدى حدودها، أي فرائض الله. تتخلي عن الصلاح وتسعى خلف الشر.
189 - وكمـا أن الله قـد نـادى عليهـا ولم تـسـمـع لـه، هكـذا ستصرخ هـي عنـد هـلاك روحها، فلا يَسْمَع لها.
وبعد أن تكـون قـد فارقت الجسد، ستقول وهـي في وسـط العـذابات: "بالكيـل الـذي كِلْتُ بـه كـال لـيَ الله. وكما أنه دعاني ولم أسمع له، هكذا دعوته فلم يسمع لي.
وكما أنني جعلت الكذب رجائي والتحفت به، هكذا يغطونني الآن بالدود، ويفرشون على رأسي الظلمة.
وكما أحببتُ الدنس و[...] فيه مثل [...]، هكذا أنا حَالَّة في الجحيم. الويل لي لأني لم أتب قبل أن آتي إلى هذه الأوجاع الذي ليس منها شفاء.
الـويـل لـي لأني لم أضبط نفسي لأصير عاقلة، قبل أن آتي إلى هـذه الظلمة العظيمة التي لا فرار منها. الـويـل لـي لأني عصيت وصية الله وتناسيتها.
فكما تناسيت، هكذا نسيتني الرحمة. الويل لـي [...] في [...] حُكْماً عادلاً، وقـد هـرولـتُ [...] نحـو الجحيم الذي لا يمكـن الفرار منه.
الويل لي لأني لم أفكر أنني إنْ ذهبتُ إلى أسفل الجحيم فأنت معي. الويل لي لأني لم أنصت إليكَ وأنت تناديني: "توقفي عن هذه الرجاسات وكل أمر بشع أمامه".
190 - الويل لي لأني نجست هيكلك، وأحزنت روحك القدوس أحكامك عادلة، يا الله.
الويل لـي لأني جعلت من هيكلك الذي أعطيته لي، مكان سكناك، موضعاً للعذاب. لقـد المـتُ روحك القدوس في داخلـي.
لـذلك سـأُعاقَب بعـدل بواسـطـة مـلاك عـديم الرحمة؛ لأنني في هيكلك، مكان سكني روحك القدوس، قد أشعلت كل معصية مثل نار،
وبواسطة هذه الشرور جلدتُ روحك القدوس، بعدما ضايقته في داخلي، ولم يجد مكاناً للراحـة.
قـد توسل إلـيَّ فـلـم أصـغ لـه مـن أجـل ذلـك أضايَقُ الآن بضيقات وأحـزان رهيبة ولهيب النار التي أنا فيها.
191 - صحيح أنني مت بالجسد، ولكني لم أمت في العذاب. إنني حية لجحيم العذاب والنار التي أُحْرَق فيها.
أنا أعيش لأجل هذا، لأجل الضيق، ولأجل احتراقي. لقد سُحِقْتُ، ولكني لم أُسْحَق ولم أفْنَ، بل واقفة للعذاب.
عيني تبكي ناراً. لساني ينطق بأحاديث البؤس. منظر مرعب. ولا يوجد تفكيري الخبز والماء بأي حال من الأحوال.
192 - الـويـل لـي، لأنـه كـمـا أنـنـي قـد أحـزنـت روح الله القدوس، هكذا أعذَّب الآن بكل أنواع العذاب.
وكما آلمته، هكذا أولِمْتُ. كثيراً ما نصحتني قائلاً: "ما هذا الذي تفعله؟ مخيـف هـو الوقوع في يَدَيّ الله الحي". وقد حذرني، أما أنا فسخرت من توبيخاته.
لذلك يؤدبني جهلي الآن بنار، ويوبخني شـري بـدود. صـار لــي روح الله رقيباً عادلاً، قائلاً: "موتاً تموت".
أما أنا فصرت له نفساً مخالفة للناموس؛ لأنني كنت أسخر (من توبيخاته) وعديمة الإحساس.
ولكنه كان مغموماً؛ لأنه كان يعلم ما سوف يحل بي، أي العذابات التي أنا فيها (الآن).
وبينمـا كنـتُ أبـتهج بالـ [...] الكاذبة وأتنعم وأتشبث بكل رغباتي، لم يكن للروح القدس فيَّ مكان ليسند رأسه.
مِن أجل ذلك [...] الابتهاج. لقد كنتُ فظًّا و[...] ساكناً في [...] من أجل [...] الرب [...] جاهل [...] أبكي [...] لكن سمعتُ.
193 - الـويـل لـي لأنـه قـد أتـي يـوم الـرب، مـُرٌّ وثقيل [...] يـوم الغضب، يوم الارتباك والهلاك، يوم الظلمة والعاصفة، يوم السحاب والضباب والرماد،
يوم الصراخ والعويل، يوم النار والدود، يوم الجـوع والظمأ، يوم الحزن والتنهد [...] قد أتى يوم الرب مثل [...] كمن مـد يده إلى جداره، قد لدغته الحية.
194 - الـويـل لـي لأني كنـت مُـهْـمِـلاً حـتـى سقطتُ في كـل هـذه (الخطايا). لقد صرت مُقْفِراً من هذه الأعمال الصالحة.
الآن أدركتُ أين الغيرة، أين [...] الجيران [...] ثقيل [...] أيـن هـي هـذه [...] تـاج على هامتي. أين هي الـ [...] الأبرار [...] الذين [...] كلهم [...] ليتهم يأتون ويخزونَني لأني عاصٍ لكلماتهم.
195 - الـويـل لـي لأنـي بواسطة أعمـالـي الـشـريـرة قـد صـرت عـدوًّا لكل هؤلاء الـ [...] لذلك تحولوا إلى أعداء لـي سـاعـة مـوتي.
لكن إذا [...] لـو كـان في ذلك المكان توبة لتبتُ حتى النخاع. أيـن هـو جسدي الذي أعطـاه لـيَ الله كحقل لأصير غنيـًّا بـه؟ قـد صـرتُ قفـراً.
أيـن هـو جـسـدي، هـذا الـذي بواسطته كـان مـن الممكن أن أجمع لنفسي كل طهارة وبر؟
فبدلاً من هذا جمعتُ لنفسي تعديات، تلك التي هي، كما هو مكتوب، مخزونة عند الله ليوم الهلاك وقد جازاني عنها كلها الآن في يوم افتقادي.
أيـن هـو جسدي، هذا الذي أعطاه لـي الله كقيثارة لكي أرنم لـه ترنيمة جديدة؟
أين موضع صلاتي وصومي، والأرغن وبقية الفضائل التي بها أُعطي لله عهـودي؟
الويل لـي، فقد قُبِضَ علـيَّ مثـل لـص، ووُضِعْتُ في الأصفاد مثل قاتل. أُحْضِرْتُ للمكـان الـذي أنـا فيـه بواسـطـة مـلاك عـديم الرحمة.
196 - أقول لكم جميعاً من أقصى المسكونة إلى أقصاها، رجلاً كان أو امرأة، كبيراً كان أم صغيراً، كلنا جميعاً: إذا لم نتب فسوف نقـول كـل هـذا وما شابهه، باكين في شقاء.
نتضرع أمام الرب، ونحن غير مستحقين، أنْ تَنسى كل آثامنا، وتَفتح قلبنا لك ولكلامك، لكي نفعل منذ اليـوم كـل مشيئتك.
أيها الرب الرحوم الصالح المبارك، لقد أخطأنا في كل شيء، كما قال النبي:
"إذا رجع البار عن بره، وعمل إثماً، وفعل مثل كل الرجاسات التي فعلها الشرير، فكـل بـره الـذي عـمـلـه لـن يـُذْكَـر في يـوم زلتـه الـتـي صـنع. وسيموت في خطاياه التي فعل".
ولكن اجعلنا لك مثل الشرير الذي قبلته إليك لما رجع عن كل معاصيه، وحفظ وصاياك، وعمل البر والرحمة، فكل معاصيه التي صنع لن تُذْكَر. وسيحيا بالبر الذي صنعه.
أيهـا الـسيد والبـار، اجعلنـا الآن مستحقين [...] لـتكن مشيئتك فينـا منـذ اليـوم. واجعـل إرادتك أن تحبنـا عـوض الأيام التي كنتَ تَمْقُتْنَـا فيها؛ لأننا لم نفعل مشيئتك، ولأننا أخطأنا أمامك.
لكن إن كنَّا قد كسرنا النير، وحطمنا قيودنا في تلك الأيام لكي لا نحفظ وصاياك [...] جدد أيامنا لكي نكسر نير كل عصيان، وبقوتك نُحَطِّم قيودهـا؛
197 - كم سيَستَد فم الذين لم يتوبوا والذين عادوا للخطيـة مـن بعد التوبة؛ لأن رب المجـد قـد سبق وأعلمنا أن بـِر البـار لـن يـقـدر أن ينجيه يوم يضِل،
وشر الشرير لن يعثره يوم يرجع عن شره، وأيضاً أن البـار لـن يـقـدر أن يخلـص نـفـسـه يـوم يخطئ.
لمـا قلـتُ هـذا للبـار، اتكـل هـو عـلـى بـره وأثِم، فبره كله لا يُذْكَر بل بإثمـه الـذي فعله يمـوت.
ولمـا قـلـتُ للشرير موتاً تمـوت، رجـع عـن خطيتـه، وعمـل بالعدل والحق. ثم يقول بعد ذلك: "فإنه حياة يحيا، ولن يموت.
كل خطاياه التي صنع لن تُذْكَر؛ لأنه عمل بالعدل والحق فيحيا بهما. [...] عند رجوع البار عن بره، وعند عمله إثماً، فإنه يموت به.
وعنـد رجـوع الـشـرير عـن شـره، وعنـد عمـلـه بالعدل والحـق، فإنـه يحيـا بهما". لكنه ساخط في [...] شهادة كلماته، وسيحكم على كل واحد ممَن سيفعلون الخطية.
198 - [...] - طـريـق الـرب غير مستقيمة. أ طريقـي غير مستقيمة؟ طريقكم أنتم هي التي ليست مستقيمة.
وهكذا كرر ما سبق أن قاله، مُبَرِّئاً [ذلك] النبي [...] والعاصي بقوله: "وإن أنذرتَ أنـت الشرير ولم يرجـع عـن [شـره ولا عن طريقه الرديئة] فإنه سيموت بظلمه.
أما أنت فتُخَلِّص نفسك. والبار إن رجـع عـن بـره، وعمل إثماً، سأجلب عليه عذابه، وسيموت؛ لأنك لم تنذره. سيموت في خطاياه؛ لأن بره لن يُذْكَر.
أما دمه فمن يدك أطلبه. وإن أنت أنذرت البـار مـن أن يخطئ، وهو لم يخطئ، فإنه حياة يحيا؛ لأنك أنذرته. أما أنت فتنجي نفسك".
199 - لن أتوقف ولن أشبع مـن قـول كلمات [ذلك النبي] الحلوة، بل سأذكر أيضاً كيف قال:
"إن أخذ شعب الأرض رجلاً من بينهم، وجعلوه رقيباً لهم، فإذا رأى السيفَ مقبلاً على الأرض، ونفخ في البوق وحذر الشعب،
وسمع السامع صـوت الـبـوق ولم يتحذر، فجاء السيف وأخذه، فدمه يكون على رأسه؛ لأنه سمع صوت البـوق ولم يتحـذر. فـدمـه يـكـون عـلـى رأسه.
أمـا عـن هـذا فـقـد تـحـذر وخلَّص نفسه". أما الرب فلم يبرئ الرقيب فقـط مـن دم الشرير، بل سوف يبرئ أباً باراًّ من دم ابـن خـاطئ، وابناً باراًّ من دم أبٍ خاطئ،
كما قـال الـنبي: "الابـن لا يحمـل مـن إثـم أبيـه، والأب لا يحمـل مـن إثـم ابنه". النفس التي تخطئ هي فقط تموت.
الإنسان الذي سيصنع البر هو الذي سيحيا [...] يبقى في إثمه سيموت، مثلما قال: "الأرض التي ستخطئ إلـيَّ وتعثر سـأمـد يـدي عليهـا وأكـسـر قـوام خبزها،
وأرسل عليها الجوع، وأقطع [منها] الإنسان والحيوان. وإن كان في وسطها هؤلاء الرجال الثلاثة: نـوح ودانيال وأيوب، فـحـي أنـا، يقـول الرب، إنهم لا يُخَلِّصُون بنيناً ولا بنات".
200 - ليس النبي وحده هو الذي يشهد لنا بهذا، بل الله أيضاً [يقول في (سفر) إرميـا]:
"وإن وقـف مـوسـى وصـموئيل أمـامي لا أصـفـح عنهم"، وكمـا صـار كـلام الـرب إلى [حزقيال]:
"مـا لـكـم أنـتم تضربون هـذا المثل بين بني إسرائيل، قائلين: الآباء أكلوا العنب الحامض وأسنان الأبناء ضرست؟"
[...] ذلك المثل بين بني إسرائيل، هكذا أيضاً قال في (سفر) إرميا: "وفي تلك الأيام لا يقولون: الآباء أكلوا العنب الحامض وأسنان الأبناء ضرست،
بل كل واحد يموت بذنبه. كل إنسان سيأكل العنب الحامض ستضرس أسنانه" [...]
سبق وأخبر الجميع بواسطة موسى النبي أنه لا يموت الأبناء عن الآباء، ولا يموت الآباء عن أبنائهم [...]
كل إنسان، رجلاً كان أو امرأة، لن يكون لهم كلمة (حجة) ليقولوها، حتى لا يتكل ابن شرير على أب بار [...] أو يتكل أب خاطئ على ابن بار ليخلص بواسطته،
أو أي إنسان آخر [...] يصالحه [...] لا [...] أمراً كهذا إن بقيَ في خطاياه، مخادعاً لنفسه.
كذلك قال في موضع آخر: "لن يقدر أخ أن يفدي أخاً، ولن [...] إنسان [...] يعطي عوضاً وفدية عن نفسه".
لذلك ليس فقط الرسل والأنبياء وكافة القديسين، بل كل الآباء [...] برئ (أبرياء؟) من دم كل عاصٍ.
201 - ليس مثل إنسان جاهل قد نصحتنا [...] الهواء، بـل تقـول مـا بداخل الإنسان؛ لأنك تعرف كل واحد يفعلها، وتعلم العقوبات التي ستحل به [...] لكني أطلب إليكَ أن تتوقف (؟) الآن حتى تجد الوقت للناس الذين لهم أذنان [للسمع] [...] ربنا يسوع المسيح [...] عن وقوف الناس أمام منبر الرب، عن وقت الموت والعذابات التي في[...]
شنوده
جزء من العظة غير معروف موضعه منها بالتحديد
202 - [...] - الذين يداينونهم بها. هل ستجدين في الجحيم طمياً في حجـم كـفـة الـيـد أو حقـلاً بحجـم الـقـدم لتفلحيها، لتعطـي الـرب وعوداً، فديةً عن خطاياكِ؟
[...] ليس إنسان يكون [...] أم ستعطين عبدك لأحد الأغنياء؟
أم ستقدرين أن تعطي بيوتكِ وأملاكـكِ [...] بيوتـاً مـمـلـؤة بـالخيرات فتنظرين إليهـا و[...] حتـى [...] أي الرغبـة الشريرة [...] تذهبين لآتـون النـار.
هل ستستطيعين أن تقـولـي لأحـد: "اتركني أو خذني عبداً لك وأطلقني من الجحيم"،
مثلما اعتاد أن يفعـل الـذين في ورطة حتى [...] الـذي لا يشبع [...] إثمـكِ بـأملاك لا [تخصكِ] ستقدرين [...] إنساناً قابعاً منذ هذه اللحظة في الجحيم [...]
صرير الأسنان في وسـط الـصقيع أو أي شيء آخـر قـط حـتـى يصنعونها لكِ برحمة في ذلك المكان، كما يفعـل الـذين [...] علـى الأرض [...]
المتاجرة في الجحيم منذ تلك اللحظة حتى تجدي حياة ، كما اعتدتِ، كتاجر كاذب مخادع،
أن تفعلـي حـتـى تـجـدي قلباً [...] وتقـولـي [...] المحـدَّد مـن قِبَـل الله؛ لأنهم سيرحمونكِ في ذلـك المكان مثلما اعتادوا أن [...].
203 - [...] عمل [...] وحدكَ، أنتَ تتعذب أو تتألم من حُمَّى المرض الذي يثقل عليكَ، وتهذي في بؤس عظيم.
قـد أتـى عليـكَ يـوم الوفاة كلص، واستَبَدَّتْ بكَ ساعةُ الموت [...] في عذابات وضيقات مرض الموت، كغزال أو طائر قد أُحِيطَ بشباك، فلا توجد طريقة حتى تهرب.
قساوة القلب والنسيان يغشياننا مثل الظلمة حتى لا نعرف ما قاله الـرب: " اسهروا لأنكم لا تعرفون اليـوم ولا الساعة".
فالعمل الذي يقـوم بـه الموت هو حقٌّ، قد عُيِّنَ لكل واحد [...] الله،
لكني سأتجرأ وأقول هكذا: "الأمر المخادع بالنسبة لكل البشر، وبالأخص بالنسبة للذين لم يستعدوا لهذا،
هو ما سيقولونه في مرارة: لقد أتيتَ إليَّ خفية وفجأة. أيها الموت، أنت هو القدر الموضوع خارج الحسبان".
204 - لقد أقمتُ عند صديقي في الليل، ولن أقدر أن أقوم لأبصره مرة أخرى. لن أقدر أن أعيـق الموت فلا يأخذني حتى يحضر أولادي الذين في الغربة وأبصرهم.
ماذا سأفعل ببيتي الجديد الذي شيدته أو العربة التي [...] الأعمال [...] مـا هـو مُخَبَّأ في بيتكَ، ذهبك وفضتك وكل متاعك.