( لا تُحِبُّوا العَالَمَ ولا الأشْيَاءَ التي في العَالَمِ، لأنَّ العَالَمَ يمْضِي وَشَهْوَتُهُ مَعَهُ، وأمَّا مَنْ يَعمل مَشِيئَةَ اللهِ فإنه يَثْبُت إلى الأبدِ. آمين.
في مثل هذا اليوم من سنة 409 للشهداء ( 693م ) تنيَّح القديس الناسك الأنبا أبرآم رفيق الأنبا جاورجي.
وُلِدَ هذا القديس من أبوين مسيحيين تقيين وربياه على البر والتقوى وعمل الخير لجميع الناس ومات والده وهو صغير.
ولما كبر اشتاق إلى حياة الرهبنة، فباركت أمه هذه الرغبة وصلَّت إلى الله لكي يقبل تكريسه ورفعت يديها إلى السماء وقالت: " يارب اقبل منى هذا القربان ".
فذهب إلى دير القديس مكاريوس ببرية شيهيت، وتتلمذ للقديس الأنبا يوأنس قمص البرية. وكان يجتهد في الصلاة والصوم والنسك والوحدة حتى وصل إلى مرتبة عالية من القداسة.
وبتدبير من الله تعرَّف على القديس جاورجى وصارا صَدِيقين حميمين وعاشا معاً في قلاية بيجيج بالقرب من دير القديس مكاريوس إلى نياحة الأنبا يوأنس قمص شيهيت.
ولما دنت ساعة انتقاله تناول من الأسرار المقدسة، وجاء إليه في رؤيا القديسان مكاريوس الكبير وأنبا يوأنس أبوه الروحي فاستودع روحه الطاهرة في يد الرب الذي أحبه.
بركة صلواته فلتكن معنا. آمين.
2 - نياحة القديس أنبا فيس
وفيه أيضاً تنيَّح القديس أبا فيس. كان من أهل أُدنا التابعة للأشمونين ( الأشمونين: حالياً قرية تابعة لمركز ملوى بمحافظة المنيا.).
ربّاه والداه تربية مسيحية وبعد نياحتهما عَبَرَ النيل إلى ناحية الشرق وجاء إلى القديس أباهور بجبل العمود( جبل سوادة شرق المنيا ) ( جبل سوادة: نسبة لقبيلة عرب سوادة التي أقامت فيها فترة من الزمان فسُمي الجبل باسمها)،
فاستقبله القديس أباهور فرحاً وألبسه إسكيم الرهبنة، فأجهد أبا فيس نفسه بنسكيات كثيرة بلا ملل حتى دعوه الصبور.
وبعد نياحة أبيه الروحي أبا هور، قام وعبر النهر إلى ناحية الغرب وانفرد في العبادة في مكان على الشاطىء الغربي للنيل.
وفي ذات يوم ظهر له السيد المسيح وأعطاه السلام ثم حدد له أساس كنيسة ومكان مجمع للرهبان، وأمره أن يبدأ بالبناء.
فاجتمع حوله حوالي مائة أخ وبنوا مجمع الرهبان والكنيسة، وكان أبا فيس أباً روحياً لهم.
وقد احتمل حروباً كثيرة من الشيطان وكان ينتصر عليه بقوة الله. وفي أواخر حياته انفرد هو وأحد تلاميذه في مكان يُدعى جبل الملح
وهناك أكمل جهاده الصالح وتنيَّح بسلام، فأخذ تلميذه الجسد الطاهر وأتى به إلى مجمع الرهبان حيث دفنوه بإكرام عظيم.
وقد ظهرت عجائب وأشفية كثيرة من جسده الطاهر. وكانت هذه المنطقة تُدعى قديماً مِنْيَة بنى خصيب ثم صارت تدعى منية أبو فيس، وقد حلت محلها مدينة المنيا حالياً.