تعتبر فترة الصوم المقدس الأربعيني من الفترات الروحية الهامة في السنة الطقسية، حيث تكثر فيها القراءات والصلوات ولا أدلَّ على ذلك من تأكيدات الكنيسة على أهمية هذا الصوم، تلك التأكيدات المنعكسة في الرسائل الفصحية التي كان يرسلها باباوات الكنيسة القبطية إلى إخوتهم في الكنائس الرسولية الأخرى، وعلى سبيل المثال فإن القديس أثناسيوس الرسولي كان قد كتب رسالة إلى صديقه سرابيون أسقف تمويس في سنة ٣٤١م ، كتب فيها: أكتب إليك هذه البطاقة (الرسالة) لكي تحدد للمؤمنين الصوم الأربعيني وتحتهم على ممارسة هذا الصوم؛ لئلا نتعرض نحن المصريين للسخرية إذ إننا لا نصوم، في حين يصوم العالم كله؛ لذلك؛ ولئلا يجد أحد عذراً في عدم سماعه قراءة رسالتي، ولكي لا تجهل على الأقل واجب الصوم، أسألك أن تتخذ التدابير اللازمة لكي تقرأ هذه الرسالة في كل مكان قبل الصوم الأربعيني ولكي لا يجد أحد عذراً في إهماله ، وهكذا يطلعون على واجبهم، في حين تبذل أنت كل جهدك لتعلمهم وتحثهم على ممارسته، فقد تكون النتيجة وخيمة إذ استسلم المصريون للإهمال، بدل أن يصوموا، في حين يمارس العالم كله هذا الصوم. ولقد أسفتُ على سخرية كثير من الناس في هذا الشأن، ووجدت نفسي مُلزماً بالتحدث إليك عنه”.
وقديما كان الصوم الأربعيني يبدأ في اليوم التالي لعيد الظهور الإلهي (الغطاس) ويختتم في اليوم الثاني والعشرين من شهر أمشير ويفطرون، وبعدها بأيام يصومون جمعة البصخة التي تختتم بعيد الفصح (القيامة). وفي الوقت الحالي يرتبط الصوم المقدس بعيد الفصح المجيد بموجب القاعدة التي وضعت أولاً في الإسكندرية، وأقرها مجمع نيقية المسكوني الأول، وكانت مسؤولية تحديد بداية الصوم منوطة بكنيسة الإسكندرية، ومن ثم فإن باباوات الكنيسة القبطية كانوا يُرسلون رسائل فصحية كل سنة، إلى كنائس العالم محددًا فيها . القيامة، وبداية الصوم المقدس، ولم تزل الكنيسة تعمل بهذه القاعدة حتى الآن. والجدير بالذكر لفت الانتباه إلى أنه في بداية القرن الرابع الميلادي ضم الصوم الأربعيني إلى أسبوع الفصح المقدس، لتكون نهاية الصوم هي عبد القيامة المجيد ويذكر ابن كبر (القرن الثالث عشر) في كتابه مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة أن مدة الصوم بعد ترك السبوت والأحاد هي أربعون يوماً، وهذا يعني أن مدة الصوم هي ثمانية أسابيع متصلة، تبدأ دائماً في يوم “إثنين” وتنتهي دائماً بيوم “أحد” الذي هو يوم عبد القيامة، حسب مجمع نيقية المسكوني الأول والملاحظ أن الكنيسة عندما حددت مدة الصوم بثمانية أسابيع كانت تحرص أن تكون مدة أيام الصوم الانقطاعي أربعين يومًا على مثال صوم الرب يسوع ذلك أن الكنيسة تصوم – انقطاعيًا – خمسة أيام في الأسبوع هي: الإثنين الثلاثاء، الأربعاء، الخميس، والجمعة ولا تصوم الكنيسة – انقطاعيًا – يومي السبت والأحد ، وبناءً عليه تكون مدة الصوم الانقطاعي أربعين يوما هي حاصل ضرب خمسة أيام في ثمانية أسابيع. وقد استقر هذا الوضع في الكنيسة منذ القديم وحتى الآن.