الليتورجيا المقدسة هي مركز سر الكنيسة وقلبها النابض وعمودها الفقري، هي حياتها ونموها، وفي المسيح تمامها فهي سر العهد الجديد، وهي الفصح الجديد الذي يحتفل به شعب الله الذي انتقل من الموت إلى الحياة وكبداية لها كان عشاء الرب السري الذي بواسطته تتم الرب ترتيب الفصح اليهودي، وأعطى سر الإفخارستيا مُقدِّمًا جسده كمأكل حق، ودمه كمشرب حق، لخلاص وبركة الإنسان، أي لغفران الخطايا والحياة الأبدية. والشواهد الأولى لعبادتنا المسيحية تقدمها نصوص العهد الجديد، ولا سيما أعمال الرسل والرسائل. وقد بدأت خدمة القراءات في عصر الرسل، كما هو واضح مما جاء في سفر الأعمال وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات” (أع ٢ : ٤٢). فالقراءة، والوعظ على فصول القراءة المختارة هو في الواقع تقليد قديم منذ زمن المسيح له المجد وما قبله، ولا سيما أن الكنيسة ورثت في بداية تكوينها طقس اجتماع المجمع اليهودي؛ ولذلك في تلك الفترة كان العهد القديم هو كتابهم المقدس ومنه كانت تتم القراءات وعليه يعتمد الوعظ، ولكن بعد أن كتب الرسل الرسائل والأناجيل وكانت خدمة القراءة قد ارتبطت بليتورجية الإفخارستيا كطقس ثابت في نظام العبادة في كنيسة العهد الجديد بدأت القراءات تتطور حيث دخلت قراءات من أسفار العهد الجديد.
وتنقسم الليتورجيا إلى قسمين معروفين منذ وقت مبكر:
الجزء الأول: يحتوي على الإبصلمودية، والقراءات، والعظة، والطلبات التضرعية (الأواشي) وهو الجزء التعليمي في الليتورجيا والذي يعرف بـ “اليتورجية الكلمة أو بـ السيناكس ويسمى القداس الموعوظين” وهو الجزء الخاص بالتعليم، والذي كان يسمح فيه للموعوظين بالحضور مع المؤمنين. الجزء الثاني يحتوي على صلوات إتمام سر الإفخارستيا المقدس ويشمل: تقدم القرابين (قديما كانت تتم بعد خروج الموعوظين)، والأنافورا، والتقديس، والتحاليل، والتناول، والذي يُعرف به اليتورجية السر” أو ” الإفخارستيا ويُسمى بـ “قداس المؤمنين” وهو الجزء الخاص بالمؤمنين وحدهم بعد خروج الموعوظين من الكنيسة وينتهي بتناولهم من الأسرار المقدمة وانصرافهم بعد قراءة البركة، وتحليل الانصراف من الأب الأسقف أو الكاهن الخدم.