سؤال : كيف عرف متى بالاتفاق المزعوم بين الجنود ورئيس الكهنة ؟ ألا يستطيع أى أحد أن يقول أن هناك شخصاً قد أعطى النساء مبلغاً كبيراً من المال وأمر النساء أن يقولوا أن يسوع قد قام من الأموات وينشروا هذا الكلام بين الناس. وفى هذه الحالة تكون هذه الرواية لها نفس مصداقية رواية متى؟
سؤال : كيف عرف متى بالاتفاق المزعوم بين الجنود ورئيس الكهنة ؟ ألا يستطيع أى أحد أن يقول أن هناك شخصاً قد أعطى النساء مبلغاً كبيراً من المال وأمر النساء أن يقولوا أن يسوع قد قام من الأموات وينشروا هذا الكلام بين الناس. وفى هذه الحالة تكون هذه الرواية لها نفس مصداقية رواية متى؟
الإجابة
هل نسى من طرح مثل هذه الأسئلة أن كاتب الإنجيل موحى إليه بالروح القدس؟ وقد ذُكرت مثلاً قصة خلقة العالم في التوراة بينما لم يكن موسى موجوداً حينما خلق الله العالم. وأيضاً قصة سقوط الشيطان وغيرها كلها عرفت عن طريق الوحى. فقد عرف متى عن هذا الاتفاق عن طريق الوحي. لكن إلى جوار الوحي وما ذكر في البشائر فإن هناك مصادر أخرى للمعرفة مثل الشهود الذين عاينوا الصلب والقيامة. فقائد المئة مثلاً الذى قاد عملية الصلب آمن بالسيد المسيح وقال : حَقَّاً كَانَ هَذَا الْإِنْسَانُ ابْنَ اللَّهِ” (مر ١٥: ٣٩). ويقال أن لنجينوس الجندي الذي طعن السيد المسيح بالحربة آمن وصار شهيداً. وأما بخصوص حراس القبر فقد كانوا يعيشون في المنطقة ومن الممكن جداً أن يكون واحد منهم أو أكثر قد آمن بعد حلول الروح القدس وبداية الكرازة بالمسيحية. وبعدما آمن ندم وروي ما حدث بينهم وبين رئيس الكهنة. هناك مثل إنجليزي يقول :
I knew it is a secret for it is whispered everywhere
بمعنى “لقد علمت أنه لأني سمعتهم يتهامسون به في كل مكان”. وقد كتب معلمنا متى إنجيله بعد مرور حوالي أربعين سنة على أحداث القيامة فمن كان حينئذ يريد من الحراس أو غيرهم أن يقول سر رشوة اليهود يكون في أمان. فالمعروف أن أسرار الحرب العالمية مثلاً وأسرار كبار السياسيين فى العالم، يسمح القانون بنشرها بعد مرور ٢٥ سنة. لأن الأمور السرية بعد عدة سنوات من الممكن أن يتم كشفها لأن الزمن الذي يمكن أن يُعاقَب فيه أصحاب الشأن على ما فعلوه يكون قد انتهى. هناك كثير من الردود يمكننا أن نقولها عن كيفية معرفة متى الرسول بهذا الاتفاق.
بخصوص حراس القبر المشكلة كان لها بعدان:
الأول: خاص بأنهم عاينوا معجزة رهيبة جداً. فقد نظروا الملاك ومنظره كالبرق وجلس على الحجر: “وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ لأَنَّ مَلَاكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ وَجَلَسَ عَلَيْهِ. وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ (مت ٢٨: ٢ – ٤)
الثاني: خاص بخوفهم من عقوبة إفلات حراستهم من أيديهم. فصاروا مثل الأموات”، لأنهم كيف يقولون للوالي إنه قد جاء جندي من عند الله لم يبقوا عليه، والوالى طبعاً لن يصدقهم ، ولذا صاروا في مأزق كانوا يعلمون أنه لن يصدقهم أحد إن قالوا الحقيقة. حتى رئيس الكهنة علم أن المسيح قام ومع ذلك قاوم القيامة لأنه عدو للحق. أما بالنسبة للحراس فقد عرفوا أن هناك معجزة حدثت.. وأن حدثاً خارقاً للطبيعة قد تم ، فحتى لو كانوا قد فرحوا بأن رؤساء الكهنة قد طمأنوهم قائلين: “وَإِذَا سُمِعَ ذَلِكَ عِنْدَ الْوَالِي فَنَحْنُ نَسْتَعْطِفُهُ وَنَجْعَلُكُمْ مُطْمَئِنِّينَ” (مت ٢٨: ١٤)، لكنهم كانوا في رعب من الملاك ومن الزلزال من ناحية، وفي رعب من اليهود ومن الوالي من ناحية أخرى. إلا أن هذا لا يمنع أن الإيمان كان يداعب قلوبهم وأذهانهم لأنهم عاينوا معجزة فائقة. وما رآه هؤلاء الحراس لم يره أحد سواهم، مثل لحظة دحرجة الحجر عن فم القبر ومثل، الزلزلة، ثم نظروا داخل القبر ولم يجدوا أحداً وهذا يعني أنهم شاهدوا أحداث القيامة فيما عدا رؤية المسيح القائم. فلماذا نستبعد أن يكون أحدهم قد آمن بالمسيحية ثم شهد بالحقيقة؟ وهذا هو أرجح الاحتمالات. يقول الكتاب المقدس: فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ (مت ٢٨: ٤) . وبعدما استفاقوا من حالة الرعب التي أصابتهم بدأوا فى مراجعة أنفسهم وصاروا يفكرون في هذه الشخصية العظيمة التي صلبت وقامت، وتلك الملائكة المنيرة والكائنات السماوية.. هذا يعني أن هناك شيئاً آخر غير الحياة الأرضية التي نعيش فيها في الشهوات… بل من الممكن أن من آمن منهم يكون قد أعاد المال لليهود. ونقطة أخرى هامة جداً وهى كيف لم يسمع الحراس الحجر عند دحرجته حتى لو كانوا نياماً، بينما كان الحجر عظيماً لأن معلمنا مرقس يقول “فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ ، لأَنَّهُ كَانَ عَظِيماً جداً” (مر ١٦: ٤).