تكلمنا فى المقالين السابقين عن بعض البراهين التى تثبت أن السيد المسيح هو الله الإبن الكلمة المتجسد ونضيف إليها ما يلى.. ونؤمن أن المسيح هو الله: لسبب إرساله للروح القدس كما قال هو نفسه “وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّى الَّذِى سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي” (يو15: 26). وقال عن إرسال الآب للروح القدس “وَأَمَّا الْمُعَزِّى الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِى سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ..” (يو14: 26). وبهذا نرى أن الروح القدس قد تم إرساله للكنيسة من قبل الآب وكذلك من قبل الإبن .. فمن ذا الذى يمكنه أن يرسل الروح القدس إلا من كان مساوياً للآب فى المجد. فالآب يرسل الروح القدس والإبن يرسل الروح القدس ولا فرق بين إرسال الآب وإرسال الإبن لهذا الأقنوم! ونؤمن أن المسيح هو الله: لسبب قدرته الواحدة مع الآب.. قال السيد المسيح لليهود عندما أقام مفلوج بركة بيت حسدا فى يوم السبت “أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ” (يو5: 17). وهو يقصد أنه لم يكسر شريعة السبت لأن الآب عاد يعمل من جديد لتجديد حياة الإنسان الذى سقط فى قبضة الموت الأبدى ولهذا فالإبن يعمل فى يوم السبت مع الآب لأن السبت كان يرمز إلى الراحة القديمة أما الأحد فيرمز إلى الراحة الأبدية إذ هو أول الأسبوع الجديد . وكان رد فعل اليهود أنهم كانوا “يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ اللَّهَ أَبُوهُ مُعَادِلا ًنَفْسَهُ بِاللَّهِ” (يو5: 18). ولكى يؤكد السيد المسيح أن عمله مرتبط بالآب ولهما عمل واحد وقدرة واحدة بالرغم من تمايز دور كل أقنوم فى العمل الواحد قال لليهود “الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذَلِكَ” (يو5: 19). لا يقدر الإبن أن يفصل نفسه فى العمل عن الآب كما أن كل ما يعمله الآب يعمله الإبن كذلك بلا إستثناء فمهما عمل “ذاك” أى الآب فهذا يعمله الإبن كذلك، ومن يستطيع أن يعمل كل ما يعمله الله الآب إلا من كان مساوياً له فى القدرة وواحد معه فى الربوبية. ونؤمن أن السيد المسيح هو الله: لأنه قام من الأموات بسلطانه الإلهى. قال اليهود للسيد المسيح حينما طرد الباعة من الهيكل “أَيَّةَ آيَةٍ تُرِينَا حَتَّى تَفْعَلَ هَذَا؟. أَجَابَ يَسُوعُ: انْقُضُوا هَذَا الْهَيْكَلَ وَفِي ثلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ. فَقَالَ الْيَهُودُ: فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هَذَا الْهَيْكَلُ أَفَأَنْتَ فِي ثلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُهُ؟. وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِهِ. فَلَمَّا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ تَذَكَّرَ تلاَمِيذُهُ أَنَّهُ قَالَ هَذَا فَآمَنُوا بِالْكِتَابِ وَالْكلاَمِ الَّذِي قَالَهُ يَسُوعُ” (يو2: 18-22). من هذا الحديث يتضح أن السيد المسيح قام بسلطانه الخاص الإلهى لأنه قال بضمير المتكلم عن هيكل جسده “فى ثلاثة أيام أقيمه”. إن الآب والإبن والروح القدس لهم قدرة واحدة فيمكننا أن نقول أن الاب أقامه أو أنه أقام نفسه (مثلما قال لليهود) أو أن الروح القدس أقامه. ونؤمن أن السيد المسيح هو الله: لأنه يقيم الأموات بحسب مشيئته كما أنه هو الذى سيقيمهم فى اليوم الأخير. قال السيد المسيح لليهود “كَمَا أَنَّ الآبَ يُقِيمُ الأَمْوَاتَ وَيُحْيِي كَذَلِكَ الاِبْنُ أَيْضاً يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ” (يو5: 21). وقال مشيراً إلى نفسه “تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ. فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ والَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ” (يو5: 28و29). ونؤمن أن المسيح هو الله: لأنه ليس مرسلاً من الآب فقط بل هو من الآب أى له نفس جوهره. قال السيد المسيح لليهود “الَّذِى أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ الَّذِى أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ.ىأَنَا أَعْرِفُهُ لأَنِّى مِنْهُ وَهُوَ أَرْسَلَنِى” (يو7: 28و29) فعبارة “لأنى منه” تعنى ولادته من الآب قبل كل الدهور بحسب لاهوته وله نفس جوهر الآب، أما عبارة “وهو أرسلنى” فتعنى أنه قد تجسد فى ملء الزمان مرسلاً من الآب لأجل خلاص البشرية.
