( لا تُحِبُّوا العَالَمَ ولا الأشْيَاءَ التي في العَالَمِ، لأنَّ العَالَمَ يمْضِي وَشَهْوَتُهُ مَعَهُ، وأمَّا مَنْ يَعمل مَشِيئَةَ اللهِ فإنه يَثْبُت إلى الأبدِ. آمين. )
في مثل هذا اليوم من سنة 41 للشهداء ( 325م ) اجتمع الآباء الثلاثمائة والثمانية عشر أسقفاً بمدينة نيقية بآسيا الصغرى
في عهد الملك قسطنطين الكبير لمحاكمة أريوس الذي كان قساً بالإسكندرية وجدف على ابن الله ربنا يسوع المسيح
قائلاً " إنه لم يكن مساوياً للآب في الجوهر، وأنه كان زمان لم يكن فيه الابن موجوداً ".
ولما انعقد المجلس وجلس الآباء على كراسيهم وكان بينهم البابا ألكسندروس السكندري يرافقه تلميذه العالم الشماس أثناسيوس
جاء الإمبراطور وحياهم ووضع أمامهم القضيب الملوكي وسيفه وخاتمه قائلاً
" قد سلطتكم اليوم على الكهنوت والمملكة، فمَنْ أردتم نفيه فلكم ذلك، ومَنْ أردتم طرده فلكم ذلك أيضاً "، ثم جلس في مكانه.
وقد أتم السيد المسيح وعده القائل " حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم ".
لأن كثيرين من الذين استنارت عقولهم بنعمة الروح القدس، كانوا يعدُّون المجتمعين فيجدونهم ثلاثمائة وتسعة عشر أي بزيادة واحد عن عدد المجتمعين، فتيقَّنوا أن الله في وسطهم.
حضر أريوس وناقشه الآباء كثيراً في معتقده وحاولوا إقناعه بالإيمان الصحيح فلم يرجع عن ضلاله وظل متمسكاً برأيه،
فحرموه هو وكل من يعتقد باعتقاده، ووضعوا قانون الإيمان من أول " نؤمن بإله واحد... " لغاية " وليس لملكه انقضاء "،
وأمروا أن يتلوه المسيحيون في جميع صلواتهم. بعد ذلك وضعوا عدة قوانين أخرى تنظيمية للكنيسة وانصرفوا بسلام.
بركة صلواتهم فلتكن معنا آمين.
2 - نياحة البابا إسحاق البطريرك الحادي والأربعين من بطاركة الكرازة المرقسية
وفيه أيضاً من سنة 400 للشهداء ( 684م ) تنيَّح البابا القديس إسحاق الحادي والأربعون من بطاركة الكرازة المرقسية.
وُلِدَ في بلدة البرلُّس على ساحل البحر الأبيض من أبوين غنيين وتقيين، ولما قدماه للعماد، رأي أسقف البرلُّس الذي يعمده صليباً من نور على رأسه وتنبأ من أجله قائلاً " هذا سيؤتمن على كنيسة الله "،
وأمر والديه بالعناية به فعلَّماه العلوم الكنسية وأدَّباه بالآداب المسيحية، ولما كبر قرأ سِيَر القديسين فمال قلبه إلى حياة الرهبنة.
فمضى إلى دير القديس مكاريوس وتتلمذ على يدي راهب شيخ قديس اسمه زكريا، الذي شاهد أيضاً صليباً من نور فوق رأسه عند قدومه، فقبله فرحاً.
طلب البابا يوأنس الثالث البابا الأربعون راهباً ليكون سكرتيراً له، فمدح له الحاضرون الأب إسحاق فأحضروه إلى الدار البطريركية، وفرح بنشاطه وعِلْمه.
وقبل نياحة البابا يوأنس الثالث طلب من السيد المسيح أن يُعرِّفه بمن سيجلس بعده على الكرسي الرسولي، فأعلمه الرب في رؤيا " سيجلس بعدك تلميذك إسحاق "
فأخبر الشعب بالرؤيا وأوصاهم به خيراً. وفي سنة 689م تنيَّح البابا يوأنس الثالث، فجلس هذا القديس على الكرسي الرسولي يوم 8 طوبه سنة 406 للشهداء ( 690م )
فأنار الكنيسة بعِلْمه، وجدد كنائس كثيرة منها كنيسة القديس مار مرقس الإنجيلي بالإسكندرية والدار البطريركية بها. قاسى شدائد كثيرة.
وبعد أن أقام على الكرسي حوالي ثلاث سنوات تنيَّح بسلام.