( لا تُحِبُّوا العَالَمَ ولا الأشْيَاءَ التي في العَالَمِ، لأنَّ العَالَمَ يمْضِي وَشَهْوَتُهُ مَعَهُ، وأمَّا مَنْ يَعملُ مَشِيئَةَ اللهِ فإنه يَثْبُتُ إلى الأبدِ. آمين. )
في مثل هذا اليوم من سنة 80م استشهد القديس فيلبس، أحد الرسل الاثنى عشر،
وُلِدَ في بيت صيدا بالجليل، عكف منذ صباه على دراسة الكتب المقدسة وعرف النبوات التي تتحدث عن مجيء المخلص،
لذلك نراه يلبى دعوة السيد المسيح بسرعة عندما قال له اتبعني ( يو 1: 43).
فيلبس وجد نثنائيل وأحضره إلى يسوع إيماناً منه بأن مقابلة واحدة مع يسوع ستقنعه أنه هو السيد المسيح الذي تكلَّمَتْ عنه النبوات،
وهكذا كان فانضم نثنائيل إلى رسل السيد المسيح ( يو 1: 47 – 51).
تبع فيلبس السيد المسيح طوال مدة خدمته على الأرض، متتلمذاً عليه مع بقية الرسل
وبعد صعود الرب إلى السماء، وحلول الروح القدس على التلاميذ، خدم أولاً في أورشليم ثم ذهب ليكرز في بلاد آسيا الصغرى،
حيث آمن كثيرون على يديه. ولما رأي الشيطان أن مملكته سقطت بفعل كرازة فيلبس الرسول، حرّض كهنة الأوثان في بلدة هيرابوليس فقبضوا عليه وصلبوه،
فحدثت زلزلة جعلتهم يهربون من المكان، فجاء المؤمنون وطلبوا أن يُنزلوه عن الصليب فرفض،
وظل هكذا حتى أكمل جهاده وأسلم الروح ونال إكليل الرسولية وإكليل الشهادة. فدفنه المؤمنون في هيرابوليس بآسيا الصغرى.
بركة صلواته فلتكن معنا آمين.
2 - استشهاد القديستين أدروسيس ويوأنا
وفيه أيضاً استشهدت القديستان أدروسيس ويوأنا. كانت أدروسيس ابنة الملك الوثني أدريانوس ( 117 – 138م ) ولشدة محبته لابنته بنى لها قصراً خاصاً سكنت فيه.
أما هي فكانت تفكر في زوال هذا العالم، وتطلب نهاراً وليلاً الاهتداء للطريق المستقيم المؤدى إلى الحياة الأبدية السعيدة الدائمة.
فرأت في رؤيا الليل من يقول لها " استحضري يوأنا العذراء ابنة لوسفرون، وهي تعلمك الطريق لله ".
فلما استيقظت ابتهجت كثيراً، وأرسلت إلى يوأنا، فأتت إليها وقابلتها بفرح وطلبت منها أن ترشدها إلى طريق الله الحقيقي.
فقصَّت عليها في الحال قصة تجسد السيد المسيح وميلاده وصلبه وقيامته مبتدئة من خلقة آدم وخروجه من الفردوس،
وتسلط الشيطان على العالم، والفداء الذي أتمه الرب على الصليب، وأعلمتها بالوعود السمائية التي وعد بها الله الذين يؤمنون به ويتعبون لأجل اسمه.
فآمنت الأميرة بالسيد المسيح، وبدأت تمارس العبادة المسيحية دون علم والدها.
لما أراد الملك تزويج ابنته أدروسيس أمرها أن تبخر للأوثان قبل الزفاف حسب عادة الوثنيين،
فرفضت وقالت له " كيف تترك إله السماء وتعبد هذه الأوثان النجسة، ارجع يا أبى إلى الله الذي خلقك وحياتك في يديه ".
فلما سمع الملك هذا الكلام غضب جداً، وسأل عن سبب هذا التحوُّل في حياتها، فعرف أن يوأنا هي التي غيرت فكرها وجذبتها إلى المسيحية.
فأمر في الحال بإحراقهما معاً. صلَّت القديستان في النار ثم تنيَّحتا بسلام
وبعد أن أُخمدت النيران وجد المؤمنون جسديهما متلاصقين، ولم يتغيرا في شيء، فاحتفظوا بهما.
ولما انقضى زمان الاضطهاد بنوا عليهما كنيسة عظيمة.
بركة صلاتهما فلتكن معنا آمين.
3 - تذكار معجزة نقل الجبل المقطم
وفيه أيضاً تُعيِّد الكنيسة بتذكار معجزة نقل الجبل المقطم وذلك أنه في عهد البابا أبرآم بن زرعة البطريرك الثاني والستين من بطاركة الكرازة المرقسية
تمت معجزة نقل الجبل المقطم الشهيرة. وذلك أنه كان للخليفة المعز لدين الله الفاطمي وزير اسمه يعقوب بن كِلِّس يكره المسيحيين ويريد الإيقاع بهم،
فدخل على الخليفة وقال له: يوجد في إنجيل المسيحيين آية تقول: " لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل " ( مت 17: 2).
ولا يُخفي على أمير المؤمنين ما في هذه الأقوال من الادعاء الباطل. وللتحقق من ذلك يجب استدعاء بطريركهم ليقيم الدليل على صدق قول مسيحهم.
ففكر الخليفة قليلاً ثم قال " إذا كان قول المسيح هذا صحيحاً فلنا فائدة عظمى، فإن الجبل الذي يكتنف القاهرة، إذا ابتعد عنها يصير مركز المدينة أعظم وأوسع،
وإذا لم يكن صحيحاً تكون لنا حجة على اضطهاد المسيحيين ". ثم دعا الخليفة الأب البطريرك وعرض عليه هذا الكلام، فطلب منه مهلة ثلاثة أيام فأمهله.
ولما خرج من لدنه جمع الأساقفة والرهبان القريبين ومكثوا بكنيسة القديسة العذراء – المعلقة – بمصر القديمة، ثلاثة أيام صائمين ومصلين لله،
وفي فجر اليوم الثالث ظهرت القديسة العذراء للأب البطريرك وأعلمته عن إنسان دبَّاغ قديس اسمه سمعان، سيُجري الله على يديه هذه المعجزة.
فاستحضره وأخذه معه وجماعة من الأساقفة والكهنة والرهبان والشعب، ومَثَلُوا بين يدي المعز، وأبلغوه باستعدادهم لنقل الجبل،
فخرج المعز ومعه رجال الدولة إلى قرب الجبل المقطم، فوقف البطريرك ومن معه في جانب، والمعز ومن معه في جانب آخر.
ثم صلى البطريرك والمسيحيون الذين معه وسجدوا ثلاث مرات قائلين ( كيرياليسون... يارب ارحم )
وكان عندما يرفع البطريرك والشعب رؤوسهم بعد كل ميطانية يرتفع الجبل، وكلما سجدوا ينزل إلى الأرض، وإذا ساروا سار أمامهم. فوقع الرعب في قلب الخليفة ومن معه،
فتقدم الخليفة من البطريرك وهتف قائلاً ( عظيم هو الله وتبارك اسمه، لقد أثبتم أن إيمانكم حقيقي حي، فاطلب ما تشاء وأنا أعطيه لك ).
فلم يقبل البطريرك أن يطلب شيئاً ولما ألح عليه قال له ( أريد تعمير الكنائس وخاصة كنيسة القديس مرقوريوس – أبو سيفين – بمصر القديمة ).
فكتب له منشوراً بذلك وقدم له من بيت المال مبلغاً كبيراً، فشكره ودعا له وامتنع عن قبول المال، فازداد توقيراً عند المعز.
فبنى البابا البطريرك كنيسة أبى سيفين وكنائس أخرى كثيرة.
وتذكاراً لمعجزة نقل الجبل المقطم أضافت الكنيسة ثلاثة أيام إلى صوم الميلاد فأصبح 43 يوماً، كذلك أخذت الكنيسة عن هذا البابا صوم يونان ( 3 أيام ) التي كان يصومها السريان.