( لا تُحِبُّوا العَالَمَ ولا الأشْيَاءَ التي في العَالَمِ، لأنَّ العَالَمَ يمْضِي وَشَهْوَتُهُ مَعَهُ، وأمَّا مَنْ يَعمل مَشِيئَةَ اللهِ فإنه يَثْبُت إلى الأبدِ. آمين. )
في هذا اليوم تُعيِّد الكنيسة بتذكار رئيس الملائكة الجليل غبريال المبشر، وتكريس كنيسته في مدينة قيصرية بفلسطين، وظهور العجائب بها.
هذا الملاك هو الذي أرسله الله ليبشّر زكريا الكاهن بميلاد يوحنا المعمدان كما أرسله ليبشر القديسة العذراء مريم بحلول كلمة الله فيها لخلاص العالم. ولذلك لقَّبته الكنيسة " ملاك البشارة".
وهو أحد رؤساء الملائكة السبعة الواقفين أمام الله يتشفعون كل حين في جنس البشر فلنعيِّد له عيداً روحانياً متوسلين إليه أن يشفع فينا أمام الله لينعم لنا بغفران خطايانا.
شفاعته المقدسة فلتكن معنا. آمين.
2 - استشهاد القديس باخوم وضالوشام أخته
وفيه أيضاً من سنة 20 للشهداء ( 304م ) استشهد القديس باخوم وأخته ضالوشام،
وقد وُلِدَا من أبوين مسيحيين فقيرين يعملان في فلاحة الأرض بقرية سفلاق بحري أخميم.
وفي الثامنة عشر من عمر باخوم تنيَّح والده وكانت والدته حبلى في الشهر السابع بأخته وعمل باخوم عند رجل غنى يُدعى سمعان، في بستانه ببلدة سفلاق.
وعند وصول إريانوس والي أنصنا إلى أخميم ليضطهد المسيحيين، أرسل جنوده إلى قرية تسمى شنشيف لكي يأتوا بالمسيحيين.
وفي الطريق عند سفلاق وجدوا القديس باخوم، فأمسكه الجند وسألوه عن اسمه فقال " أنا مسيحي وأعترف بالسيد المسيح إلهاً ومخلصاً ".
فاغتاظ القائد وأمر الجند أن يربطوا في عنقه حجراً كبيراً. أما هو فطلب المعونة من الله وقام والحجر معلَّق على عنقه فتعجبوا.
ثم اقتادوه إلى الوالي بعد أن ربطوه من رجليه في عجلة ورأسه للخلف وهم يضربونه بقسوة وكانت تتبعه أمه وأخته.
ولما وصلوا به إلى الوالي حاول أن يثنيه عن إيمانه. ولما فشل أمر أن يضربوه بسياط من جلد البقر إلى أن سقط على الأرض مثل الميت.
بعدها وقف ورشم ذاته بعلامة الصليب وسبَّح الله الذي جعله أهلاً أن يتألم لأجل اسمه.
فتقدمت أخته ضالوشام وكانت تبلغ من العمر ثماني سنوات، حتى أن الوالي اندهش من قوة إيمانها ومحبتها للسيد المسيح،
فضربوها كثيراً حتى وقعت على وجهها وكان أخوها باخوم يصلي لأجلها، فأمر الوالي أن يضعوا جمر نار على صدرها وجنبيها،
ثم وضعوا سلاسل حديد في عنقها ووضعوها في خَلْقِين يغلى. فنزل ملاك نوراني وفتح الخَلْقِين وأخرجها سالمة.
أما باخوم فقلعوا أظافر يديه ورجليه وعذبوه بكل أنواع العذاب. وقد آمن كثيرون من الحاضرين بسبب احتمالهما.
أخيراً أمر الوالي بقطع رأسيهما فنالا إكليل الشهادة فأتى أهل سفلاق وأخذوا الجسدين وكفَّنوهما ودفنوهما بإكرام جزيل،
وبُنيت على اسميهما كنيسة بقرية الصوامعة شرق على بُعد عشرة كيلومترات شمال شرق أخميم.
أما جسداهما فيوجدان بجوار جسد خالهما الأنبا بساده الأسقف الشهيد بديره على بعد 25 كيلومتراً جنوب أخميم.
بركة صلواتهما فلتكن معنا. آمين.
3 - نياحة البابا أنسطاسيوس البطريرك السادس والثلاثين من بطاركة الكرازة المرقسية
وفيه أيضاً من سنة 332 للشهداء ( 616م ) تنيَّح الأب القديس أنسطاسيوس السادس والثلاثون من بطاركة الكرازة المرقسية.
تعلَّم في مدرسة الإسكندرية، وعمل قاضياً بالقصر الملكي ثم ترك وظيفته ورُسم قساً على كنيسة الثغر الإسكندري.
فازداد المؤمنون تقديراً له وأكرموه وأحبوه بصدق لما رأوه فيه من إخلاص وحكمة واستقامة.
وكانت هذه المزايا خير تزكية له لاختياره بطريركاً بعد نياحة البابا ديميانوس.
اهتم بعد رسامته بالكنيسة اهتماماً كبيراً فرسم أساقفة وكهنة في الإيبارشيات الخالية وشيَّد عدة كنائس جديدة
واستعاد من الخلقيدونيين ما قد وضعوا أيديهم عليه من كنائس، فتضايق البطريرك الخلقيدوني ووشى به لدى الإمبراطور
فأرسل أوامره إلى والى الإسكندرية أن يغتصب بعض الكنائس التابعة للبطريرك أنسطاسيوس ويُسلِّمها للبطريرك الدخيل.
فحزن البابا أنسطاسيوس وذهب إلى برية شيهيت وقضى أياماً كثيرة في الأصوام والصلوات طالباً تدخُّل العناية الإلهية.
وفعلاً قام شقيق الإمبراطور بقتل أخيه واستولى على العرش، فرجع البطريرك أنسطاسيوس إلى الإسكندرية
وداوم على تعليم رعيته بنفسه وبكُتبه وكان من كثرة علمه وفصاحته يكتب كل سنة كتاباً.
وقد أقام على الكرسي البطريركي اثنتي عشرة سنة كتب خلالها اثني عشر كتاباً رتبها على الحروف الأبجدية القبطية.