( لا تُحِبُّوا العَالَمَ ولا الأشْيَاءَ التي في العَالَمِ، لأنَّ العَالَمَ يمْضِي وَشَهْوَتُهُ مَعَهُ، وأمَّا مَنْ يَعمل مَشِيئَةَ اللهِ فإنه يَثْبُت إلى الأبدِ. آمين. )
في مثل هذا اليوم من سنة 575 للشهداء ( 859م ) تنيَّح القديس الطوباوي الأنبا يحنس كاما القس. كان هذا القديس من أهل شبرا منصو التابعة لصا الحجر ( صا الحجر: قرية تابعة لمركز بسيون محافظة الغربية). وكان والداه مسيحيين تقيين ولم يكن لهما ولد سواه. فعلّماه الآداب المسيحية والعلوم الكنسية. ثم زوَّجاه بغير إرادته. ولما انفرد بزوجته صليا طويلاً ثم قال لها: " يا أختي أنت تعرفين أن العالم يزول وكل شهواته فهل توافقين على حفظ بتوليتنا ؟ "، فأجابته قائلة: " إن هذه هي رغبتي، والآن قد أعطاني الرب سؤل قلبي ". فاتفقا على أن يعيشا حياة البتولية، وكانا إذا رقدا على سريرهما ينزل ملاك الرب ويظلل عليهما بجناحيه، ولكثرة قداستهما، أنْبَت الرب كرمة على خدرهما، علامة على طهارتهما، لأن عملهما هذا يفوق الطبيعة البشرية. وكانت العناية الإلهية تحفظهما. وذات يوم قال القديس يحنس لزوجته: " يا أختي أنا أشتهي الذهاب إلى البرية للرهبنة ولا أستطيع ذلك دون موافقتك ". فأجابته إلى ما أراد. فأدخلها أحد أديرة العذارى فصارت أماً فاضلة، وبعد ذلك أصبحت رئيسة على الدير. أما القديس يحنس فأرشده ملاك الرب إلى برية شيهيت، وهناك ترَّهب عند شيخ قديس يدعى درودي بدير القديس مكاريوس فأقام عند هذا الشيخ يتعلم منه الفضيلة حتى نال بركته الأخيرة فأمره ملاك الرب أن يمضى إلى غربي دير القديس يحنس القصير بقليل ويبنى له ديراً، فمضى وفعل كما أمره الملاك. واجتمع حوله ثلاثمائة راهب، فعلَّمهم الصلوات والتسابيح والفضائل الرهبانية. وفي إحدى الليالي ظهر له القديس أثناسيوس الرسولي يشجعه، وذات مرة ظهرت له القديسة الطاهرة مريم وقالت له: " إن هذا مسكني إلى الأبد وسأكون مع أولادك كما كنت معك، ويدعى اسمي على هذا الدير. " ثم أعطته ثلاثة دنانير ذهب وقالت له: " خذ هذه واحفظها عندك وبركة ابني يسوع المسيح ستكون معكم إلى الأبد ". ولما أكمل سعيه الصالح تنيَّح بسلام، فدفن أولاده جسده الطاهر في ديره بإكرام عظيم، ثم نُقلَ الجسد إلى دير القديسة العذراء الشهير بالسريان. ومازال موجوداً به حتى الآن بركة للرهبان والزائرين.
بركة صلواته فلتكن معنا. آمين.
2 - نياحة القديس الأنبا بشاي بجبل الطود
وفيه أيضاً تنيَّح القديس الأنبا بشاي بجبل الطود ( الطود: قرية على الضفة الشرقية للنيل تابعة لمركز الأقصر بمحافظة قنا). وكان ناسكاً متعبداً منذ صغره، ويقرأ كثيراً في نبوة إرميا النبي، حتى كان يبصره عياناً، ولم يُعط جسدَه راحة لكثرة السهر والصلوات والميطانيات. ولما أكمل سعيه الصالح تنيَّح بسلام، ووضعوا جسده في الكنيسة وبها بئر ماء وكان الرب يعمل آيات وأشفية كثيرة لكل من استعمل هذا الماء. وما يزال ديره كائناً بناحية الطود شرق أرمنت ويُسمَّى دير القديسين. وبه أيضاً جسد القديس الأنبا بسنتاؤس.