( لا تُحِبُّوا العَالَمَ ولا الأشْيَاءَ التي في العَالَمِ، لأنَّ العَالَمَ يمْضِي وَشَهْوَتُهُ مَعَهُ، وأمَّا مَنْ يَعمل مَشِيئَةَ اللهِ فإنه يَثْبُت إلى الأبدِ. آمين. )
في مثل هذا اليوم من سنة 20 للشهداء ( 304م ) استشهد القديس الأنبا بساده أسقف أبصاي.
وُلِدَ هذا القديس بمدينة أبصاي ( أبصاي: كانت تعرف في العهد البطلمى باسم بتولومايس وحالياً قرية الأحايوة شرقي مدينة المنشأة بمحافظة سوهاج) بصعيد مصر،
من أبوين مسيحيين كانا يعملان بالفلاحة ورعاية الأغنام فربيّاه في مخافة الله وعلماه الكتب المقدسة،
فلما كبر بساده عمل مع والده في رعاية الأغنام، وأثناء ذلك كان يردد المزامير، كما كان يواظب على قراءة الكتاب المقدس والصوم والنسك.
وفي شبابه كشف الله له في رؤيا ما سيحل بالكنيسة على يديّ دقلديانوس عندما يصير ملكاً.
رسمه الأسقف شماساً، ولما رأى فيه القلب الأمين في محبته لله، الغيور على خلاص كل نفس، أوصى بسيامته أسقفاً يخلفه.
وبعد نياحة الأسقف أجمع الشعب على رسامته، فحقق لهم البابا البطريرك رغبتهم ورسمه، فازداد نسكاً وعبادة واتضاعاً،
فوهبه الله موهبة صنع المعجزات ومواهب أخرى، استخدمها في رعاية الشعب وقيادتهم في طريق القداسة والتوبة واحتمال التجارب.
بعد أن كفر دقلديانوس بالإيمان أرسل إلى إريانوس والي أنصنا رسالة يُبلغه فيها أن يعرض على الأنبا بساده عبادة الأوثان،
فإذا قبل يجعله كبير كهنة الأوثان، وإذا لم يقبل فليس أمامه سوى الموت. وعند وصول الرسالة أوفد إريانوس مندوباً عنه لاستدعاء القديس.
عند ذلك طلب القديس مهلة لمدة يوم واحد جمع فيه الكهنة والشعب وصلى معهم القداس الإلهي وقرَّبهم من الأسرار المقدسة وأوصاهم كثيراً بالثبات على الإيمان المستقيم.
لما انتهي من القداس كان وجهه يضيء بلمعان ساطع ملأ قلوبهم سكينةً وعزاءً، فودَّعهم وخرج من الكنيسة بملابس المذبح البيضاء.
ولما سأله الشماس عن سبب ارتدائه الملابس البيضاء، أجابه: " أنا ذاهب إلى حفل، وقد عشت سنوات كثيرة أقدم المسيح ذبيحة وها أنا أقدّم نفسي ذبيحةً له ".
تقابل القديس مع إريانوس الذي أبلغه رسالة الإمبراطور فرفض التبخير للأوثان. عندئذ أمر بطرحه في سجن مظلم لمدة عشرة أيام دون طعام.
ظناً أنه يموت من الجوع والرائحة الكريهة. وبعد أن أخرجوه عرض عليه عبادة الأوثان فرفض أيضاً، فأمر الوالي بسجنه خمسة أيام ثم ستة أيام.
وبعد أن أكمل واحداً وعشرين يوماً بدون طعام، رآه الوالي وإذا وجهه مشرق كمَنْ هو قادم من وليمة.
فقال له الوالي ألعلهم كانوا يأتوك بما تقتات به. فأجابه القديس: " مكتوب في الكتب المقدسة أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ". فأمر الوالي بقطع عنقه.
ولما صلى تقدم إلى الجنود فقطعوا عنقه. فنال إكليل الشهادة. وجسده موجود حتى الآن بديره الذي يبعد عن أخميم بنحو خمسة وعشرين كيلومتراً جنوباً.